لقد كان الحج فيما مضى أمراً شاقاً لا يستطيعه كل أحد ولا يتمكن منه كل إنسان وكانت تحف به المخاطر والصعوبات والحوائل الشديدة، وكان مظنة التلف والهلاك، وكتب التاريخ مليئة بالأخبار المؤلمة التي كان الحجيج يقعون ضحاياها، حتى أذن الله بمنّه وفضله بتغير الحال، وتبدل الأوضاع فأجرى على أيدي قادة هذه البلاد التيسير والتسهيل، وهيأهم للقيام بهذا الواجب الإسلامي العظيم، فأقاموا دين الله وحكموا شرع الله وجعلوا العناية بشؤون الحرمين وخدمة الحجيج هاجساً يدور في نفوسهم، حتى تحقق لهم ما أرادوا، وبسط الله لهم الأمن في كل بقعة من البلاد، فالاضطراب عاد نظاماً، والخوف أصبح أمناً وصار المسلم أخاً للمسلم بحق، وإذا بالطرق تغص بمئات الألوف قاصدة بيت الله الحرام تحملهم وسائل نقل متعددة توافرت فيها جميع الخدمات ووسائل الراحة، وأعدَّ للحجاج أماكن يستريحون فيها وهم في طريقهم إلى مكة.
* وهناك مكاتب الدعوة والإرشاد المنتشرة في المنافذ البرية والبحرية والجوية التي لم تأل جهداً في سبيل التوعية والتوجيه للحجاج.
وهناك رجال الأمن الذين يسهرون لبيان كل ما يكون الحاج في حاجة إلى معرفته والوقوف عليه مما يتعلق بحجهم وراحتهم، وترتيب أمور تنقلهم بين المشاعر، فأضحى الحج -بحمد الله- أمراً سهلاً ميسوراً، حتى أصبح الحاج لا يكلف نفسه حمل شيء معه إلا ما تدعو الضرورة إلى حمله، لأنه سيجد في طريقه لتلك البقاع المقدسة كل ما يغنيه عن ذلك. وأصبحت تلك الجهود تتجدد وتتضاعف كل عام، حتى وصلت إلى الغاية التي تكفل إزالة العناء، ورفع المشقة عن الحجاج، وتجلب لهم الراحة والامتنان.
* لقد شهد الجميع لهذه البلاد بكفاءتها العالية واضطلاعها على الأمر، وقدرتها وقوتها على القيام بهذا الواجب المناط بها، في تهيئة السبل، وتوفير الأمن، ورغد العيش، والحفاظ على حياة الحجاج وتوفير أقصى درجات الراحة، لقاصدي بيت الله الحرام على وجه يستبشر به أهل الإيمان.
* فلله الحمد أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً على هذا الأمن الشامل الذي بسط ذراعيه على حجاج بيته، والحمد لله على ما يسر من صنوف الراحة ومختلف التسهيلات والخدمات التي تنطلق بلسان لا يصف إلا الواقع ولا يعبر إلا عن الحقيقة في أسمى صورها وأحلى مظاهرها، ومن بذل الجهد والطاقة ومشى وسعى في خدمة الحجاج وحقق الإخلاص فقد وفق -بإذن الله- للتوفيق والقبول.
*وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية