1- ركعتا الطواف في أوقات النهي
ذكر بعض الفقهاء أنه يجوز لمن أنهى الطواف أن يُصلى ركعتي الطواف في أوقات النهي وهو مذهب الشافعية والحنابلة وابن حزم.
واستدلوا بحديث جُبير بن مُطعِم رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:( يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى، في أي ساعة شاء من ليل أو نهار). رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
فدلّ هذا الحديث على أنه لا يُمنع أحد من الطواف والصلاة في البيت في أي وقت، وفي قوله: أي ساعة شاء من ليل أو نهار، دليل على عموم الوقت فيدخل في ذلك أوقات النهي.
ويؤيد هذا المعنى: حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا بعد الفجر حتى تطلع الشمس، إلاّ بمكة، إلاّ بمكة). رواه الدارقطني في سننه في باب جواز النافلة عند البيت في جميع الأزمان 1-424.
ورواه البيهقي في سننه في باب ذكر البيان أنّ هذا النهي مخصوص ببعض الأمكنة دون بعض 3-461.
وقال الإمام الخطابي في شرحه في معالم السنن بشرح سنن أبي داود 2-381، قوله إلاّ بمكة: استثناء لمكة من بين البقاع، فدلّ على جواز أداء ركعتي الطواف في أوقات النهي.
ويدل على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه في كتاب الحج، باب الطواف بعد الصبح والعصر 3-488 عن عبدالعزيز بن رفيع قال: (رأيتُ عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما يطوف بعد الفجر، ويُصلي ركعتين).
فدلّ هذا الأثر على جواز أداء ركعتي الطواف أوقات النهي لأنها من ذوات الأسباب.
2- حكم المرور بين يدي المصلي في المسجد الحرام
لا شك أنه لا يجوز لأحد أن يمر بين يدي المصلي لئلا يقطع عليه صلاته ما دام قد صلى إلى سترة.
وقد ورد النهي عن ذلك في حديث أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان أحدُكم يصلي إلى شيء يستره، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه، فليدفعهُ، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان). متفق عليه.
ولحديث أبي جُهيم رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو يعلمُ المارُ بين يدي المُصلي ماذا عليه، لكان أن يقف أربعين خريفاً، خير له من أن يمر بين يديه). رواه الشيخان.
فدلّت هذه الأحاديث على عِظَم ذنب من يمر بين يدي المُصلي إلى سترة، ولكن رخص بعض الفقهاء في المرور للطائف بالبيت لحاجته إلى ذلك، لأنّ الناس يكثرون في المسجد الحرام لأجل قضاء نُسكهم، ويزدحمون فيه كثيراً فلو مَنع المُصلي من يجتاز بين يديه لضاق الأمر على الناس والمشقة تجلب التيسير ولله الحمد، وكما قيل: إذا ضاق الأمر اتسع.
وهذا الترخيص محمول على الضرورة ومسيس الحاجة لذلك لا سيما في أوقات المواسم عند اشتداد الزحام. أما مع عدم حاجته فإنه يكره له المرور تورعاً وخروجاً من الخلاف، مادام أنه ليس هنالك ضرورة ملحّة لذلك.
ومما يدل على جواز المرور بين يدي المصلي في المسجد الحرام: حديث المُطلب بن وداعة السهمي رضي الله عنه قال: (رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يُصلي مما يلي باب بني سَهْم، والناس يمرون بين يديه ليس بينه وبين الطواف سترة). رواه أحمد وأبوداود وابن حبان في صحيحه.
وباب بني سَهْم هو المسمّى الآن: باب العُمرة. كما في كتاب: (شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام) للعلامة تقي الدين الفاسي المالكي.
والطواف مع طائف، أي: الطائفين.
ودلّ هذا الحديث على جواز مرور الطائف بين يدي المُصلي، وإلاّ لم يُمكن الطائفين من المرور بين يديه. ويؤيده ما رواه عبدالرزاق في مصنفه 2-35 عن عبدالرحمن بن عبدالله بن أبي عامر المكي أنه قال: رأيتُ عبدالله بن الزُبير جاء يُصلي، والطُّوّاف بينه وبين القبلة. قال ابن قدامة في المغني 3-90 رواه حنبل في كتاب المناسك .