في رأيي المتواضع لا دخل للسلوك البشري في جنس الإنسان، قد تجد في البيت الواحد أخا وأخته يتناقضان في الصفات وفي السلوك، تبقى المسألة نسبية في نظري، ولكن قد يفتري الرجل على المرأة ويقول إن النساء أكثر سرقات من الرجل بدليل الكاميرات ..........
الموجودة في أسواق النساء وفي المجمعات التجارية التي ترتادها النساء تحديدا، وكذلك كثرة أجهزة الإنذار في تلك المجمعات عن طريق قطعة صغيرة تعلق في ملابس الأطفال والنساء تصدر صوتاً عند الخروج بها دون المرور على (الكاشير)، ويبرز الفكر الذكوري في تجريم المرأة حينما يذكرها أنها مخلوقة من ضلع أعوج وأنهن أكثر أهل النار، وأنهن صويحبات يوسف أيضا، يا لقدر المرأة السيئ في نقاش مثل هذا!
ومن الأدلة الذكورية على تزايد داء السرقة عند معشر النساء تزايد الطلب على حارسات الأمن في المجمعات التجارية (بودي قارد نسوي)، وتذكر الأدلة الذكورية في السرقات النسوية دليلاً آخر وهو سرقات النساء في مصليات شهر رمضان المبارك، أما المرأة فمن الإنصاف أن نذكر أدلتها أيضا حيث يقلن إن الرجال هم الأكثر سرقة، هل سمعتم بامرأة تسرق سيارة أو محلا تجاريا أو تقفز على منزل أو تقتحم أجهزة الصراف؟
بل هم سمعتم بامرأة تقوم بسرقة أدبية وعلمية كما يفعل الرجال باعتبارهم الأكثر امتهاناً لهذه الأعمال؟
هل شاهدتم فتاة تضع سيارة على (الحديدة) بعد تشليح إطاراتها؟
تخيلوا حتى المتنبي شاعركم - يا معشر الرجال - ألفت فيه الكتب لسرقاته التي تجاوزت الحد المعقول لقطع اليد واللسان أيضا، فهذا القاضي الجرجاني ألف كتابه (الوساطة بين المتنبي وخصومه) يبرر سرقات شاعر العربية الأول!
كما كتب غيره الكثير عن سرقات هذا الشاعر (الفحل) فهذا العميدي ألف كتابه الشهير (الإبانة عن سرقات المتنبي)، هل تريدون أسماء ذكورية أخرى خلد الأدب والفكر سرقاتها؟
حسناً أيها الرجال هاكم أبو تمام وأحمد شوقي وطه حسين، وحتى غير العرب شركاء في الإثم فالأدب اللاتيني ما هو إلا سرقة كاملة من الأدب اليوناني وهذا لافونتين وهوميروس وغيرهم سجل التاريخ سرقاتهم، ولكنكم تلطفونها معشر الرجال وتسمونها بأسماء أخرى مثل اقتباس وتوارد خواطر وانتحال وتضمين وتلميح واستطراف، مما حدا بالمتقدمين والمتأخرين من الرجال الالتفات إلى هذه الظاهرة التي لا تقل عن سرقة حقيبة امرأة، أتذكر في معرض الكتاب في العاصمة الرياض العام الماضي (2008) ُطرح موضوع (السرقات الفكرية)، حيث تبنى متخصص سعودي فكرة مشروع يطالب من خلاله وضع قانون يجرم أصحاب هذه السرقات لحفظ الحقوق الأدبية والفكرية، حيث رصد في مشروعه ذلك حوالي 200 حالة سرقة فكرية شهدتها البلاد. ولكن كعادة مثل هذه الأفكار الجميلة يتم وأدها في مهدها، ولنا أن نتساءل ما هو نصيبنا في تفشي ظاهرة السرقات بأنواعها؟
الحقيقة إن السرقة تجري في الضمير الإنساني عموماً عند الرجال والنساء على حد سواء وعن العرب وغيرهم، ولكن الكثير سيطر على هذه المشاعر الإنسانية السيئة بالأخلاق وبالدين وبالأيديولوجيات الفكرية بأنواعها، ولكننا نتسبب - نحن البشر - في استمرار هذه العادة بكافة أشكالها المهذبة والوقحة دون أن نعلم أحياناً، فإذا تركنا سارق الإطارات والمنازل والسيارات يخرج من السجن في اليوم التالي لسرقته، فنحن السبب في استمرار هذا الداء، وإذا سمحنا بملايين البرامج الحاسوبية المنسوخة تملأ أسواقنا فنحن نعلمهم السرقة دون أن نقصد ذلك، وإذا شاهدنا عشرات المذكرات الدراسية تملأ المكتبات والقرطاسيات فأي جرم نرتكبه مع المؤلفين الذين أضناهم الجهد والسهر ووجدوا حقوقهم مسروقة في وضح النهار؟
وفي المدارس والجامعات ودورات الموظفين والمديرين والمشرفين التربويين نترك المجال للجميع بممارسة الغش عن طريق مناهج معلبة وأسئلة جافة تحرض على الخطأ فنحن المسؤولون عن هذا الجرم وليس هؤلاء الذين ذهبوا بالذنب وحدهم.
حينما يسرق أحدهم الملايين ونحن نرى، فنحن السبب في هذه الجريمة الوطنية لأننا لم نحاسب مثل هذا وأمثاله عندما سرقوا الريال الأول ونحن نعلم وأحياناً نشاهد، فنحن المسؤولون ياسادة، فالمال (السايب) يعلم السرقة ويعلم السارق أيضا، إذا لم يجد من يردعه. فالمرأة والرجل شركاء في كل شيء، إلا في سرقة الألباب التي لم تجد المرأة من يردعها عن ذلك.
Mk4004@hotmail.com