Al Jazirah NewsPaper Wednesday  25/11/2009 G Issue 13572
الاربعاء 08 ذو الحجة 1430   العدد  13572

وما ذنب المواطن يا هيئة الاتصالات؟

 

أسعدتنا شركة الاتصالات السعودية أيما سعادة بمنحنا - نحن عملاءها - شهراً كاملاً من المكالمات المجانية على شبكة الشركة وجوالا، وما عمق الفرحة في نفوسنا هو توقيت المنحة المصادف لعيد الأضحى المبارك الذي يستعيض كثيرون فيه عن السفر لملاقاة الأحباء والأصدقاء بالمعايدة عليهم تلفونياً، فيكون عليك أن تتصل بكل من يتوجب عليك تهنئتهم بالعيد وما أكثرهم والحمد لله في مجتمعاتنا الإسلامية، لهذا كان شكرنا وتقديرنا بقدر ما خففت الاتصالات السعودية عن كاهلنا هذا العبء، وإنها لمعايدة أتت في وقتها وما كان أحوجنا لها.

لكن، ولا أدري لماذا هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات أن تجهض فرحة الملايين من المواطنين والمقيمين، وتحرمهم مما يسره الله لهم عبر شركة الاتصالات السعودية، التي شاءت حسب رؤيتها، أن تعرب عن تقديرها لعملائها بهذه المنحة التي أطلقت عليها (شكراً)؟ وبأي منظار استطاعت الهيئة أن تجد ما يخالف أنظمتها وقوانينها في عرض لا يحمل أي شبهة تسويقية أو حتى مجرد سمة ربحية، إذ إن الشركة لا تجني منه ولا هللة واحدة، فهو يختلف قلباً وقالباً عن العروض التسويقية أو الترويجية. ثم، يا رعاكم الله، أن تقوم شركة ما بتكريم عملائها سواء بمناسبة العيد الكبير أو بلوغها مستوى معيناً مالياً كان أو تقنياً أو تصنيفياً، فهل يصنف هذا خرقاً لقواعد المنافسة أم توسيعاً لماعونها وتوجيه إيجابياتها لفائدة المستفيد الأساسي الذي هو المواطن إن لم أكن مخطئا؟

أما إذا كان الأمر يتعلق بشكاوى الشركات المنافسة، فإنه سيكون أشبه بأن يشتكي أحد جاره لأنه صار أكثر كرماً منه، أو أعمق فهماً لما يدور من حوله وأسرع استجابة له. فالأمر كما تقتضي الأنظمة والقوانين منافسة شريفة، لأن الاتصالات السعودية لم تضع سعراً جديداً يغلق الباب أمام المنافسين، كما لم تقدم عرضاً مموهاً، بل كرَّمت عملاءها على ولائهم وبقائهم معها واستخدامهم لشبكتها علاوة على أن الموضوع يتناسب، ضمناً، بصورة أو أخرى مع رعاية الشركة لحملة الحج لهذا العام كونه يتزامن معها، وإنني لأتساءل: ما الذي يمنع المنافسين من تقديم شيء مشابه؟ وهو أمر متروك لهم لأنه وكما قال المتنبي رحمه الله:

على قدر أهل العزم تأتي العزائم

وتأتي على قدر الكرام المكارم

بقي أن أشير إلى أن انفتاح المملكة على استقطاب الاستثمار الأجنبي وما يقتضيه ذلك من ترتيبات تنظيمية وتسهيلات إجرائية هو خطوة مهمة وضرورية في طريق النهضة التنموية الشاملة، ولا ينبغي أن نفترض أي تضارب بينه وبين مصالح موازية، فالمملكة لم تسع لاستقطاب رأس المال الأجنبي إلا لخدمة التنمية التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن فإذا قامت شركة وطنية 100% بمبادرة تهدف إلى تخفيف بعض المعاناة عن كاهل المواطن والمقيم، يجدر بذلك أن يضع العربة أمام الحصان ليحذو المستثمرون حذوها، وفي ذلك فليتسابق المتسابقون. لهذا أجدني غارقاً في الحيرة من أمر هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات.. هل تعمل أنظمتها وقوانينها على دعم استقواء الشركات على المستهلك الأخير (مواطناً ومقيما) بحيث تحرمه من أي فائدة يمكن أن يكتسبها بحجة حماية شروط المنافسة؟ وأي منافسة تلك التي تفرض الشروط الدنيا على المستهلك وعلى المتنافسين؟

أم أن الأمر لا يتجاوز المراوحة في مضمار بيروقراطي محض يرفض الإبداع ويجافي الأهداف النهائية لمفهوم التنمية الشاملة؟ أفيدونا أفادكم الله.

الشيخ - عبدالله بن مسند المسند


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد