من أهم المبادئ التي يسعى الإسلام إلى إشاعتها مبدأ المحبة والإخاء بين المسلمين، ومن هنا نجد إشارات كثيرة تحض ذلك في القرآن الكريم، وفي الحديث النبوي الشريف. ولم يقتصر الحث على توطيد المحبة بين المسلمين على ذلك، بل نجد الكثير من المظاهر المادية التي تعد المجال التطبيقي للتوجيه النظري، فإذا كان التوجيه النظري لم يصل إلى الإنسان أو يسمع به، فإن التطبيق المادي لا يخفى على أحد، ويراه الكل واضحاً.
ومن أبرز مظاهر التطبيق العملي للمحبة والإخاء بين المسلمين هو ما نجده في العيدين، عيد الفطر وعيد الأضحى فهما مظهران داعمان لروح المحبة بين الناس ففيهما يجب أن ينسى الناس أحقادهم ومشاكلهم، وهم مدعوون إلى التآزر وإلى التراحم وإلى الفرح فيها.
ولكن هناك الأهم والأعظم في مجال التطبيق العملي لإشاعة المحبة والإخاء بين المسلمين، ألا وهو الحج إذ إنه من بدايته إلى نهايته سلسلة محكمة من الإرشادات والحوافز إلى المحبة والإخاء، فالكل على صعيد واحد، بلباس واحد، يتحركون جمعاً يؤدون المشاعر سوية يلبون ويكبرون، كل ذلك على مساحة ضيقة من الأرض.
إن أهم ما في الحج الروح الإنسانية التي يبثها بين القادمين من أقاصي الأرض، ولا يعرف في أي ديانة أو عقيدة وضعية مثيل لما تؤديه شعيرة الحج من أجل ترسيخ روح المحبة بين الناس، وللتأكيد على ذلك نجد الأمر الإلهي بتحريم أي سلوك يؤدي إلى إقلاق راحة الحجيج، ومن هنا فإن الحج دعوة إلى السلام وإلى التآلف ومن يرتكب أي نمط من الفسوق فيه وعلى رأس ذلك إقلاق راحة الحجيج وبث الفرقة لا شك أنه يقوم بعمل مخالف لتعاليم الإسلام، ولأهداف الحج على وجه الخصوص.
أدعو الله أن تلف السكينة والطمأنينة لكل حجاج بيت الله الحرام، وأن يتقبل حجهم وأن يعيدهم إلى مواطنهم سالمين غانمين، مزودين بهدف الحج الأساسي، المحبة والتآخي بين المسلمين.