وصلتني رسالتها عبر بريدي الإلكتروني تشكو فيها ظلم الرجل وجبروته، ولم يكن أمامي إلا أن أنشرها كما وردتني لعل من تعنيه يقرأ سطورها فيصحو ضميره، وتستيقظ إنسانيته!
تقول في رسالتها:
لست أدري لماذا اخترتك بالذات لأكتب لك عن أحزاني، أنا امرأة كل جريمتها أنها (مطلقة) أتدري- يا سيدي- ماذا تعني كلمة (مطلقة)؟ سأوفر عليك الإجابة:
تعني أنني امرأة بلا حاضر ولا مستقبل، امرأة ليس من حقها أن تشكو، وتتألم، وتطلب العدل من ذويها، عليها فقط أن تبقى رهينة المنزل، تفتح أذنيها لتسمع فقط أما فمها فعليها أن تضع عليه قفلاً، أو شريطاً لاصقاً من تلك التي توضع على أفواه المجرمين.. عليها أن تنفذ أوامر رجال الأسرة، ولا أكتمك فقد فعلتْ.. كنت أطفئ النار المشتعلة في داخلي بالصبر. نعم بالصبر، ولكن للصبر حدود!
ألقي بجسدي على فراشي وأنتحب كطفلة.. وأتساءل: بالله.. ماذا جنيت؟! أليس من حقي أن أقول ما أشعر به من الظلم؟.. ألا يكفي ما تعرضت له من ظلم الزوج فيلاحقني ظلم إخوتي، تصور يا سيدي تقدم رجال كثيرون لخطبتي، وكان أخي الأكبر (يصرفهم) دون أن يستشيرني أو يذكر لي ذلك باعتباري صاحبة تجربة فاشلة وليس من حقي أن أعيد التجربة.. هكذا يفكرون.. تصور يمنعونني من أن أرد على الهاتف، أو أن أطلب الخروج معهم إلى السوق لشراء بعض لوازمي الخاصة كامرأة.. أما أن أطلب الفسحة فهذه جريمة لا تغتفر عندهم!
أنا لا أستجديك، ولا أطلب منك حلاً، ولكنني أريد أن أوصل صوتي لكل القراء.
أنتم معشر الكتاب لا تتحدثون عما تعانيه المرأة في مجتمعنا من ظلم وجور، ومهما حاولتم أن تظهروا لنا تعاطفكم معنا.. فأنتم في النهاية من نسيج هذا المجتمع الشرقي القائم أصلاً على الثقافة الذكورية التي تنتقص من عقل المرأة وكرامتها وحقها في الحياة الكريمة.
أنا لا أستجديك، ولكن كن شجاعاً واكتب.. قل لهؤلاء الرجال أن الظلم ظلمات وأن المرأة بشر كفلت حقوقها كل الشرائع السماوية، والقوانين الإنسانية.
كفى تهريجاً وثرثرة يا هؤلاء!!
أختك: (المعذبة)
** ما عساي أقول؟!
إذا قلنا: إن المرأة في مجتمعنا تتعرض للاضطهاد والتعسف من قبل بعض الآباء والأزواج والإخوان.
قالوا لنا: إنكم تريدون أن تتحرر المرأة وتخرج إلى الشوارع عارية سافرة.
إذا قلنا: إن المرأة إنسان عليه واجبات وله حقوق.. قالوا: إنك من مدرسة (قاسم أمين).. وتلامذته!
إذا قلنا: إن بعض الآباء والإخوان والأزواج.. لا ضمير لهم ولا أخلاق.
قالوا: إنهم أعرف بمصلحة المرأة منك.
لقد احترنا ولكن علينا أن نعرف أن المرأة نصف المجتمع، وأنه لا مكان لمجتمع يصادر حق نصفه بين الأمم. وعلينا أن نعي أن الإسلام قد كفل حقوقها كاملة غير منقوصة، لذا فإن أقل ما تطلبه المرأة أن تمنح حقوقها.
وأنتِ يا سيدتي..
ثقي أنكِ لستِ وحدك، أعرف آباء قساة ظَلمَة (يطردون) كل خاطب يتقدم لابنتهم من أجل ألا يفقدوا رواتبهن.
أعرف أزواجاً غير أسوياء نزعوا كل كلمات الحب والعطف والرحمة من قاموسهم حين يتحدثون مع نسائهم ويستبدلونها بلغة الضرب والشتم والإذلال.
أعرف قصوراً باذخة تزين مداخلها الأشجار الباسقة، والزهور الفواحة، والنوافير المنعشة.. بينما تتعرض المرأة في داخلها للمهانة والظلم والعنف.
لست وحدك يا سيدتي..
وتذكري أيتها الأخت (المعذبة) أن الحياة قصيرة لا تستحق أن تضيعيها في الحزن والألم والبكاء.. وتذكري أن الغد دائماً ما يكون أجمل للبؤساء من الحاضر.. ثقي بالله!!
Alassery@hotmail.com