Al Jazirah NewsPaper Wednesday  25/11/2009 G Issue 13572
الاربعاء 08 ذو الحجة 1430   العدد  13572
من أسئلة المباراة..؟
محمد الدبيسي

 

هل يمكن قراءة مقدمات وسياق وتداعيات (الحالة المصرية الجزائرية) من خلال المباراة الرياضية بين فريقي البلدين, بمعزل عن الموروث الثقافي والقيم الاجتماعية السائدة والمزاج الشعبي العام للبلدين العربيين الشقيقين, وغيرهما؟

وهل يمكن استيعاب مستوى الحراك والأحداث والتعليقات والمواقف في الشوارع وخلف الشاشات وفي الدوائر الرسمية وسجالاتها, بموازاة (الحدث الأساس) مباراة في كرة القدم؟

هل ثمة حالة نفسية واحتقان مجتمعي جماعي، كان ذلك (الحدث) سبباً في انفجاره أم نتيجة له؟

هل ما حدث ويحدث كابوس مزعج, أم وقائع حقيقية لا تمثل إلا وجهاً للهزيمة الأكبر بكافة أشكالها, ولا يسلم منها أحد؟

هل ما يوصف بأنه تجاوزات غير مسؤولة من قبل الطرفين.. صنيع فئات قليلة, وليس حالة عامة انغمس الكل في وحلها.؟

هل هو سحابة صيف, أم تعبير حقيقي يعكس نظم تفكير وقيم تعامل ومكونات شخصيات وشكل ممارسات، لها ما يبررها من كلا الطرفين.؟

هل يختزن وجداننا كل ذلك الحقد والسخط والاحتقان الذي ينتظر فرصة مواتية...؟ هل كان محكّا واختباراً حقيقياً بائساً قوَّض كل ما كان يجمع الطرفين, لتعلو أصوات مطالبة بالثأر وأخرى بالمقاطعة والقطيعة, وثالثة بالخروج من.. ومن..؟ ولا نسمع في ظل هذا الضجيج، إلا قلَّة قليلة من أصوات العقلاء.. الذين طالبوا بتوجيه هذا الزخم من الحماسة الزائدة والانفعال المتأجج والغيرة الوطنية.. والعنتريات الفتية نحو الإصلاح والبناء والعمل الإيجابي ومراجعة الأخطاء ونواحي القصور الذاتي والمعضلات الحقيقية..!

يرتبط البلدان بأواصر تاريخية ناصعة المثال، حيث شارك المصريون في حرب التحرير الجزائرية، وشارك الجزائريون في حربي 76- و73م. إضافة إلى قنوات اتصال ثقافي واجتماعي واقتصادي، تجمع ولا تفرق، ناهيك عن وحدة الدم واللغة والمصير وأدبيات الوحدة الأخرى وشعاراتها.

التي لم نكن نتمنى أن تكون (معنىً ضائعاً) بين أنفاس ملتهبة وألسنة حداد وأيد بتارة ووعيد وسباب مقذع وشتائم.. في ظلال مباراة في كرة قدم.

هل ما حدث دسيسة إعلامية أشعل أوارها موتورون متيمون بالإثارة يعتاشون على مأدبة الوقيعة وحزازات النفوس, أم حالة حاكت مشهدها الدميم أدوات إعلامية لا تحكمها قيم، ولا يسيرها إحساس بمسؤولية.. أم منتوج طبيعي لشعور طبيعي (قومي) بهزيمة حضارية وإحساس ضار بأوجاع الحياة.؟

هل يمكن لما حدث ويحدث.. أن يتكرر مستقبلاً بين طرفين من ذات العاربة والمستعربة وبذات الظروف والوسائل وإلى ذات النتائج.؟

هل هو انتصار لسطوة الإعلام ونفوذه وسلطانه الوجودي -كما نعايشه- وقدرته على اختراق كيانات الدول وكيان الإنسان ومواقفه وقناعاته؟ هل العربي في أي مكان.. ليس معنياً بذلك كله؟ وليس من الضروري أن يراجع ويفحص كل ما سمعه عن وحدة الهوية والدم والمصير..!

هل ثمة ما يمكن أن يُفسر كل ما نشاهده ونسمعه.. غير الإحساس بالهزيمة التي قررها وأثبت جدارتنا بها (مالك بن نبي) ذات يوم؟




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد