الجزيرة - وهيب الوهيبي
حذَّر مشايخ وقضاة من المتاجرة بحج الإنابة وتحويله إلى مشروع لتحقيق عوائد مادية من ورائه. مؤكدين أن الحج عبادة ربانية وفريضة عظيمة، لا يجوز شرعا جعلها محلا للمتاجرة.
وفي هذا الصدد شدَّد سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء على ضرورة اختيار الأشخاص الموثوق بصلاحهم وتقواهم عند الإنابة في الحج، وعدم التساهل في هذا الجانب. لافتا إلى أن الإنابة في حج الفريضة جائزة لمن كان لديه أعذار شرعية، على أن يدفعوا نفقة الحج لمن ينوب عنهم. محذرا في الوقت نفسه من استغلال الإنابة في الحج لأغراض مادية ودنيوية.
واعتبر الشيخ الدكتور إبراهيم بن صالح الخضيري، عضو هيئة التمييز بالرياض، أن ما يقوم به بعض الأشخاص من عرض أنفسهم للآخرين لأداء مناسك الحج بالإنابة عنهم إن كان قصدهم من ذلك هو نفع الآخرين والبر والإحسان لهم فهم على أجرهم بحسب نيتهم، وإن كان قصدهم في ذلك كسب المال والمتاجرة بالحج فهو أمر لا يجوز شرعا؛ فالحج عبادة ربانية لا يجوز أن تتحول إلى متاجرة.
وأكد الدكتور الخضيري مراعاة اختيار من يوثق بدينهم وإخلاصهم للإنابة في الحج.
وأكد الدكتور هشام بن عبدالملك آل الشيخ، عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء، أن من يتخذ الحج حرفة ويجعله كسباً، ويزايد فيه، ويقول: أحج عن فلان بمبلغ محدد والباقي يأخذه لنفسه، أو يبحث عمن يسكنه ويوفر له الأكل والشرب والتنقل بالمجان ويأكل قيمة الحج عن الغير، فهذا بيع للعمل الصالح، ويعتبر عملاً لأجل الدنيا كما في قول الله تعالى: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ). لافتا إلى أن التجارة في الحج أمر جائز وليس بمنهي عنه كما قال تعالى: و(لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) ومن هذه المنافع البيع والشراء والاتجار، إلا أن البعض من يستغل هذا الجواز بطريقة غير صحيحة وهو ما يعرف بالاستنابة في الحج، فيبحث عمن ينيبه للحج بمقابل وبأجرة، وتحصل المغالاة في أسعار الحج عن الغير، والعلماء لم يرخصوا للإنسان أن يحج بأجرة مطلقاً، إلا إذا كان عاجزاً عن الحج من مال نفسه؛ وذلك لأن الحج عمل صالح، والأعمال الصالحة لا تباع ولا تشترى، كما أن المسلم لا يأخذ أجراً على الصلاة ولا الصيام ولا على الصدقة، فلا يبيعها لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الأذان: (اتخذوا مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً) فدلَّ على أن الأعمال الصالحة لا يجوز بيعها.
وأوضح أن هناك بعض الحالات يجوز فيها أخذ الأجرة على الاستنابة في الحج، ومن ذلك إذا كان الإنسان عاجزا عن الحج بماله وهو قد أدى حجة الفريضة، فيجوز له أن يستعين بمال غيره يتمكن به من أداء الحج عنه والسفر إلى مكة المكرمة، فيأخذ هذا المال حتى يمكنه الحج عنه فينفق منه بقدر حاجته.