قد يستغرب البعض من دور بعض الحجاج في نقل الأموال النقدية للجماعات الإرهابية في الخارج، أو تمريرها لهم داخل المملكة!. استغلال الحجيج في عمليات التمويل المشبوهة هو ديدن الدول المارقة التي استبدلت ببعض حجاجها رجال الاستخبارات المدربين على تنفيذ عمليات خاصة في مواسم الحج.
تتخذ الجماعات الإرهابية موسم الحج كغطاء مثالي لعمليات تمرير الأموال ونقلها إلى الخارج من خلال مجموعات مُجندة ومدربة على القيام بعمليات تهريب الأموال أو إعادة توزيعها على الخلايا النائمة.
تضييق الجهات الأمنية والسلطات المالية الخناق على جماعات الإرهاب، وتشديد الرقابة المالية المحلية والدولية على الحوالات المالية ووقفها عن بعض الدول الداعمة، قاداهم إلى الاعتماد على وسائل بديلة لجمع الأموال، وتهريبها، أو إعادة توزيعها في الداخل. تنقسم جماعات التمويل في الداخل إلى قسمين رئيسيين، يهتم القسم الأول بعمليات جمع الأموال من مصادر مختلفة تدخل فيها الصدقات، الزكوات، أموال الداعمين والتسول، في حين يهتم القسم الثاني بتوجيه الأموال المجمعة نحو الأفراد المسؤولين عن نقل الأموال إلى الخارج، أو توزيعها على الخلايا النائمة لضمان الفصل بينها وبين جامعي الأموال المعرضين للخطر.
تشير بعض المعلومات المسربة إلى قيام بعض الجماعات الراديكالية، في مواسم ماضية، بتلقي أموال مباشرة من أفراد استخبارات كانوا ضمن الحجاج والمعتمرين خلال أدائهم النسك. الحصار المالي والجغرافي المفروض على تلك الجماعات حرمهم من تلقي الدعم المالي المباشر من الدولة الحاضنة؛ ما دفعهم إلى اختيار بيت الله الحرام مقراً لتمرير الأموال النقدية التي تم توزيعها على أفراد البعثة لضمان تهريبها دون إثارة الشبهات. سلطات الأمن السعودية وصلت مرحلة متقدمة جدا من الكفاءة والسيطرة؛ ما جعلها تحبط الكثير من عمليات التمويل المشبوهة، وتواجه بحزم مخططات المخربين.
موسم الحج قد يُعطي الدول المارقة غطاءً مثالياً لإدخال أموال ضخمة بذريعة تغطية تكاليف البعثات الرسمية. قد تتسرب بعض تلك الأموال إلى الجماعات الإرهابية أو الخلايا النائمة المؤتمرة بأوامر عناصر الاستخبارات الأجنبية.
ينشط تنظيم القاعدة، والجماعات الإرهابية الأخرى، في استغلال مواسم الحج والعمرة في جمع وتهريب الأموال القذرة تحت غطاء نفقات الحج، أو أعمال البر. موسم الحج من أهم المواسم لدى جماعات التسول التي باتت تنتهج أساليب أكثر احترافية وإدرارا للأموال. استغلت جماعات الإرهاب أسلوب التسول لتنويع مصادر جمع الأموال، وأمعنت في تطويره لضمان الوفرة وجعله أكثر إدرارا. (التسول الخيري) هو أحد الأساليب المبتكرة لجامعي الأموال في مواسم الخيرات، وعلى رأسها موسم الحج.
ألقت السلطات الأمنية السعودية الأيام الماضية القبض على 49 متسللاً يمنياً في المدينة المنورة، وضبطت معهم العديد من سندات جمع الأموال التي زعموا أنها (تُجمع لصالح بناء مسجد في اليمن)، إضافة إلى ضبط بعض الأموال النقدية المتأتية من مصادر غير مشروعة. من يضمن عدم استخدام تلك الأموال ضد أمن الوطن وسلامته؟.
رئيس مجلس التنسيق الأعلى للجالية اليمنية بالمملكة حذَّر أفراد الجالية اليمنية (من الانسياق خلف دعوات يروج لها أشخاص وجهات مشبوهة يمنية لجمع التبرعات المالية بحجة مساعدة المتضررين من اعتداءات الحوثيين أو ما يسمى الحراك داخل اليمن والإسهام في بناء ودعم المشاريع الخيرية والمساجد هناك)، وقال أيضا: (إن بعض ضعفاء النفوس يستغلون هذه الأحداث لاستعطاف الناس خصوصا في المساجد؛ وذلك للحصول على مبالغ مادية قد تستفيد منها جماعات وتنظيمات إرهابية مفسدة). الأمر تعدى أعمال الخير إلى المشاركة في دعم المنظمات الإرهابية، وإن كان بحسن نية، وهو أمر يفترض أن يتنبه له كل من أراد أن يدفع قرشا واحدا لجهات غير مصرح لها بجمع التبرعات.
موسم الحج بات الغطاء الذي تستخدمه الجماعات الإرهابية وبعض الدول الداعمة للإرهاب الدولي للتغطية على عملياتهم المشبوهة وتواصلهم وإدارتهم الأموال القذرة؛ والهدف الرئيس إثارة القلاقل، ونشر أفكار المذاهب المنحرفة؛ خدمة لأهداف سياسية معادية للإسلام والمسلمين. الدور الكبير الذي تضطلع به الجهات الأمنية لتوفير الأمن والسلامة لحجاج بيت الله الحرام يحتاج إلى دور مواز من الحجاج والمواطنين لإكمال المنظومة الأمنية التي تضمن تحقيق الأمن الشامل ومنع جماعات الإرهاب من استغلال البيت الحرام وموسم الحج في تحقيق أهداف تخريبية موجَّهة ضد دولة الإسلام وقبلة المسلمين.
قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم).
* * *
F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM