ليس سراً أن الحياة لا تعد أحداً فكلنا على مستوى الأفراد والمؤسسات والحكومات معرضين لأزمات تعيق حراكنا وتشتت أذهاناً وتبعدنا عن أهدافنا؛ فطلاق أو موت عائل الأسرة على سبيل المثال أزمة قد تفضي لا سمح الله إلى أزمة نفسية تؤدي بحياة الفرد والأسرة وهكذا المؤسسات..
..التجارية والاجتماعية والثقافية والرياضية... الخ قد تقع في فخ الأزمة من خلال الإضراب أو الخسارة أو انهيار مبنى أو جرف سيول أو احتيال أو اختلاف في معايير السياسة والاقتصاد مما يجعل تلك المؤسسات في دائرة السقوط وخروج عربتها عن سكة القطار، فرغم الأضرار التي نتجت عن أزمة إعصار كاترينا وسونامي إلا أن أمريكا والدول الأخرى المتضررة منها قد تلقت دروساً عملية تكتب بماء الذهب للوقاية والتدخل الملائم عند وقوع الأزمات فمن أهم الدروس المستفادة من أزمة كاترينا والتي تخدمنا وتدعم أهمية هذا الطرح على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
1- أن الوقوف على تجارب الدول الحديثة في إدارة الأزمات أمر ملح للعمل على نبذ الإدارة التقليدية في إدارة الأزمات إضافة إلى الأعداد للمستقبل من حيث انتهى الآخرون في مواجهة الأزمات، فتلقى التدريب في البلدان التي وقع بها كوارث وقد تقع لنا مثيل لها أمر ملح للحد من الخسارة البشرية والوقت والمال.
2- إن الاستعداد والتنظيم والوقاية والعلاج تجاه الكوارث والأزمات يزيد من درجة الولاء والانتماء والرضاء للوطن عند تلافي الحكومة للخسارة البشرية والمادية فأزمة أنفلونزا الخنازير وزلزال العيص بمنطقة المدينة المنورة كان التعامل معها على المستوى الحكومي والشعبي فعلاً مرضي وهي خلاف التعامل مع حمى الضنك وأزمة المياه ببعض المناطق وخاصة يوم الرياض الأسود الذي سببته سحب الغبار والأتربة فأقل المتعلمين يدرك أن المنطقة الوسطى منطقة صحراوية بعيدة عن الأعاصير قريبة للعوالق الجوية وجرف السيول، فوجود قوائم للكوارث المحتملة أمر ملح علما أن الأزمات تعطي قياسا صادقا عن مدى المشاركة الشعبية والقدرات التطوعية المتاحة على المستوى المادي والبشري في الوطن.
3- أن على الدول والمنظمات توفير الإمكانيات واعتبار عنصر الاستعداد والمفاجئة أمراً ضرورياً لتخفيف أو تخطي حدة أضرار الأزمات فوجود فريق أزمات أو إدارة أزمات على مستوى المناطق بالمملكة لديه الجاهزية والإمكانيات والكفاءة والتأهيل أمر ضروري لمواجهة الأزمات التي قد لا تنبي عن حدوثها مما يحتم وجود مرجعية لها.
4- قد يعتبر التنسيق بين الأجهزة المعنية عنصراً هاماً لتحقيق سرعة الاستجابة وعدم الازدواجية في الأداء وخاصة الأجهزة الحكومية المعنية أمنياً واجتماعياً وخدمياً مما يجعل عملية الاستجابة أسرع عند وقوع الأزمة، لذا تأتي أهمية وجود إدارة مركزية عليا ذات صلاحيات واسعة لإدارة الأزمة من أجل الحيلولة دون البيروقراطية التي تعتبر من وجهة نظري فيروس في جسد إدارة الأزمات.. فوجود إدارة أزمات مركزية بالمملكة يرأسها رجل دولة على مستوى عال سوف يعطي مساحة كافية ومرنة لتنفيذ التوجيهات على مستوى الدولة، ويكون هناك قائمة للكوارث المحتملة بالمملكة.. فمعظم بنيتنا التحتية بعيدة عن توقع الأزمات ومدى استيعابها لها، إضافة إلى أن بعض المدن والقرى والمخططات الجديدة والمنح الزراعية واتجاه النمو العمراني في مناطق منخفضة وقد تكون في أودية ومجاري سيول مما يضطرنا إلى أهمية هذه الإدارة المركزية... فالندوة الدولية لإدارة الكوارث التي انطلقت فعالياتها في الرياض والتي نظمها الدفاع المدني والتي استضافت خبراء في إدارة الأزمات والتقنيات العالمية المتبعة في عملية المواجهة والتي استعرضت قرابة ألف وخمسمائة صفحة بهذا الخصوص إضافة إلى مشاركة المملكة في ندوة (إدارة الكوارث وسلامة المباني في الدول العربية) والذي استعرضت فيه الإدارة العامة للمرور تطبيق نظام حديث يربط قطاعات أمنية وصحية بهدف إدارة الأزمات المختلفة واحتواء الحوادث المفاجئة والسيطرة عليها، إضافة إلى مبادرة أمانة العاصمة المقدسة التي أنشئت إدارة للطوارئ والأزمات كل تلك الجهود أمور تبعث إلى التفاؤل بالتعجيل بإنشاء إدارة مركزية عليا لإدارة الأزمات تشرف على فرق أزمات منتشرة بمناطق المملكة للحد من الخسائر المادية والبشرية وتلافي الأبعاد الأمنية للكوارث والتي قد تستغل في مجال الإرهاب والإشاعات والسرقات والفساد الإداري والمالي لا سمح الله.
Drdhobaib@hotmail.com