ما بين مؤيد ومعارض، كبرت مساحة تداعيات القرارات الأخيرة التي سنتها وزارة الداخلية في كبح جماح ثلة من الشباب الذين آثروا تحييد الحياء قليلاً والإمعان في ارتكاب ما يخرجهم عن المألوف والمكابرة بل والعناد في ذلك.
وأقول ثلة من الشباب وليس جميعهم والثلة هنا تأتي بمعنى رهط أو جماعة أو فرقة أو زمرة وأياً كان عدد من يشملهم ذلك الوصف يبقون ولله الحمد والمنة قلة في مجتمع عُرف عنه التزام أهله بالحياء والشرف والغيرة وقبل ذلك كله بأخلاق الدين.
فقد خرج علينا مؤخراً عددٌ من الشباب من الجنسين ممن تفننوا في محاكاة الغرب وتقليد صرعاتهم وعاداتهم في ملبسهم ومأكلهم ومشربهم وليتهم أكملوا ذلك بتقليدهم لاحترام أولئك للقوانين المفروضة عليهم التي تمنعهم من ارتكاب كثيرٍ من منافي الأخلاق. خرجوا علينا بأنواع جديدة وغير مألوفة من الملابس وعلى الرغم من اختلاف مسمياتها وأنواعها إلا أنها تؤدي لنتيجة واحدة وهي لفت النظر والخروج عن العُرف والعادة. وخرج آخرون بتقليعات جديدة في طريقة قص شعورهم وأيضاً بأسماء وأنواع كثيرة ومتعددة والنتيجة هي ذاتها. وآخرون آثروا تلوين سياراتهم ووضع أحرف بلغة أجنبية وبأشكال مختلفة ومتعددة ومعاني بعضها يندى له الجبين والأغرب في ذلك أن كثيراً منهم لا يعلم معاني تلك الأحرف أو الكلمات. وثمة فريق لم يجد متعته في اتباع إحدى الطرق تلك فأخذ يضايق المارة سواءً باعتراض طريقهم أو التلفظ عليهم أو بأساليب أخرى ولا سيما في التعبير عن مناسبات كروية أو وطنية.
ومعلوم أنه إذا ذهب حياء أمة تفشى في أهلها الاستهتار بالقيم والرجوع عن التمسك بالعادات الإيجابية والقيم النبيلة وأصبح ارتكاب الرذائل هي السمة الأبرز في المجتمع وما إن يحدث ذلك حتى يفسد القلب والعقل، والغريب أنه إذا نظرت إلى وجه أحدهم تجد الحياء معدوماً فيه وحينما ينعدم الحياء تمتلئ الدنيا آثاماً ومنكرات وفجوراً ويصبح ارتكاب المعاصي بلا تورع ولا خجل ولا خوف من أسهل ما يمكن عمله.
الحياء بمعناه البسيط هو إتيان الحسن واجتناب القبيح من العمل والقول ومن جعل الحياء منهجاً له عُرف بمكارم الأخلاق ونظافة التصرف والفعل والحديث لأنه لا يكذب في قول ولا يفسد في فعل بل يصدق فيما يقول ويهذب فعله وعمله.
الإشكالية التي يعيشها بعض شباب الأمة هي في تقليدهم الأعمى للغرب، فيقلدونهم فيما يروق لهم فقط فيأخذون منهم سوءهم وسلبياتهم ويتناسون محاسنهم وإيجابياتهم.
علينا قبل أن نتداول الموضوع في مجالسنا الخاصة والعامة ونبدي الرأي بين مؤيد ومعارض بين من يرى أن في ذلك - أي منع الشباب من بعض التصرفات المشينة - تضييقاً على الشباب وحداً من حرياتهم الشخصية أو ممن يرى أنه يجب ألا تأخذنا رحمة بهم وأن نجلدهم بسوط القانون وأدواته المختلفة في العقاب والعذاب، علينا أن نعلم الأسباب المؤدية لنشوء الرغبة لدى الشباب في تقليدهم ذلك، علينا أن نعي الفئات العمرية التي تقوم بهذا الفعل ونركز على أنواع العلاج ونضع الحلول لذلك. علينا أن نجتمع على هدف محاولة إيجاد الحلول لذلك لا أن نُنظر بين معارض ومؤيد دون وعي ودون إدراك لما يمكن أن يؤدي إليه مجرد إبداء الرأي والإصرار على تصويب رأي على الآخر. فالشباب المستهدف يقرأ ويسمع محاولاً من خلال ذلك إيجاد المبرر والمسوغ لما يفعله. فرفقاً بهم وبمستقبلهم أيها الاخوة. إلى لقاء قادم إن كتب الله.