لا أعلم عن سبب زيارة السيد ساركوزي رئيس جمهورية فرنسا للمملكة العربية السعودية سوى ما أعلن رسمياً، وهو التفاهم حول عددٍ من الملفات المشتركة، وهي العبارة الدبلوماسية المستخدمة عادة من قِبل الناطقين الرسميين إذا ما أرادوا عدم الغوص في التفاصيل.
إلا أن زيارته للمملكة بعد استقباله لرئيس وزراء العدو الإسرائيلي، وما رُشّح من أنباء عن توجه فرنسا إلى عقد مؤتمر دولي حول السلام في فرنسا، جعلني أتساءل: هل بإمكان ساركوزي أن ينجح فيما فشل فيه كل من سبقوه من دهاة السياسيين في العالم أمثال جورج بوش وبيل كلينتون ورئيس جمهورية فرنسا السابق جاك شيراك!
إن جاز لي أن أشير ولم أستشر، فإني أشير على السيد ساركوزي أن يقرأ ملفات مؤتمرات السلام من مؤتمر مدريد مروراً بمعاهدة أوسلو وصولاً إلى مؤتمر أنابولس، ثم يجتمع بالرئيس شيراك الذي عندما حاول أن يكون وسيطاً نزيهاً في النزاع العربي الإسرائيلي أهين أثناء زيارته للقدس الشرقية أيّما إهانة من الشعب اليهودي ومن السلطة، وإن لم يقتنع بعد ذلك بعدم جدوى هذه المؤتمرات مع اليهود المغتصبين لأرض فلسطين، فعليه أن يتذكر كيف اغتال الإسرائيليون رئيس وزرائهم رابين لأنهم فقط اشتموا من سياسته توجهه إلى السلام.
رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي في ورطة فهو إما أن يستمر في بناء المستوطنات فيخسر التعاطف العالمي، أو يوقف البناء في المستوطنات ويخسر وظيفته، ومَن كان في وضعه لا يُلام إن هو بحث عن قشة في هذه الورطة، تخفف الضغط العالمي، وتلهي الحكومات المسالمة عن الموضوع الرئيس، وتبقي عليه رئيساً لوزراء إسرائيل.
أنا لا أشك في براعة السيد ساركوزي السياسية، إلا أني أخشى عليه من المكائد والحيل الإسرائيلية، ومع ذلك لا أتوقع له بعد اجتماعه بأهل الحكمة والعقل والتاريخ السياسي المنضبط بالمبادئ والقيم، أن يقع في الشّرَك.