في جامعة الأميرة نورة بنت محمد هناك خلايا نحل تنتج الكثير من بذور الشهد المركزة، تلك التي أكثرها أمصال لأدواء باقية مترسبة في ثقافة الخبرات, وهذه الخلايا وحدات طبية تعالج تلك الأدواء بأساليب جديدة مناسبة لمتطلبات المرحلة من جهة، ومنتهجة أحدث وسائلها. ولقد شهدت ذلك بعينيَّ ولا لمحة مجاملة في الأمر؛ فهناك إدارة مختصة بمتابعة الإنتاج، إنتاج أعضاء هيئة التدريس والطالبات بمثل ما هي المتابعة لإنتاج المنجزات في المجال التعليمي وابتكار وسائله. ربما أن دمج الكليات جميعها في جامعة نامية يتطلب الصبر لتحقيق الطموحات من خلال أداءات مبتكرة وقادرة على استيعاب القصور, إلا أن الخلايا تنتهك كل حجر عثرة لتسكب الرحيق في مفاصل هذه الكليات، وأول ما تفعله هذه الجامعة تحفيز ورش العمل، وابتكار الدورات، والامتداد لكل الخبرات وجذبها لتصب ما في دلائها.. مع التركيز على الموضوعات المهمة كتدريب الباحثات، وتنمية المهارات، وإخضاع الخبرات الراهنة ضمن محكات التحديث، وهي لا تقف عند تدريب الناشئات من راغبات الانخراط من طالبات الجامعة، بل تجعل الباب مفتوحا وبقوة لتدريب موظفاتها، وهو الطريق الأصح، الأصوب، الأسلم، ولا أنسى أن دورة أقمتها في الجامعة كانت المتدربات المقبلات إليها من كبيرات أستاذاتها، وإدارياتها، ومنهن وكيلة الكلية وأعلى، ورئيسة الإدارة وأدنى..
ولعل خير دليل على ذلك الخبر الذي نشرته الجزيرة في عدد أمس الأول الخميس عن ورشة عمل بعنوان (صناعة وإنتاج الصابون منزلياً) التي أعدتها ونفذتها الدكتورة ندى بنت سليمان القاضي أستاذ الكيمياء المساعد في كلية العلوم مديرة الإدارة العامة لمشروعات البيئة، حيث التحق بهذه الدورة ما يقارب (20 متدربة) من ذوات الفئة العمرية (14-22) سنة. وتفاصيل ما صرحت به الدكتورة ندى عن هذه الدورة: (تهدف هذه الورشة إلى الحصول على منتج متميز وتقليدي من الصابون يحفز فتيات المجتمع السعودي على امتهان العمل الحرفي، وجعله نواة للمشروعات الصغيرة، كما تنمي فيهن ثقافة الإنتاج منذ الصغر، والقدرة على المبادرة وتحدي البطالة والاستفادة من خامات البيئة).
وأنها من خلال الواقع ترى: (تطور بلدنا صناعياً، ولدينا الكثير من الشباب الذين يتصفون بالذكاء، وهم بحاجة إلى مَنْ يتبنى أفكارهم ويعمل على دعمها عملياً ليكفوا أيديهم عن السؤال...)، و(أن العمل هو عصب الحياة..)، و(لو تأملنا نصوص الشرع الكريم وحياة الرسول صلى الله عليه وسلم وحياة الأنبياء من قبله لوجدناها حافلة بالحث على العمل الحرفي)، و(.. أن هذه الأنشطة الحرفية تصحح ما غرس في أذهان شبابنا من عيوب تجاه العمل الحرفي)...
وفي ذلك مما قالته ما يؤكد ما يتم داخل خلايا هذه الجامعة..
فليكن من صناعة بذور الشهد دافعاً في هذه الجامعة والبقية الأخرى لتغيير الكثير من المفاهيم المورَّثة، تلك التي بقيت في إثرها محصلات التعلُّم والتدريب في خانات الانتظار.. حتى قيام هذه الخلايا المنتجة بوعي..
تحايا لهذه النحلات، ولكل عنصر فاعل على تمام خلاياها، ونتاجها واستمرارها..
وهذه التحايا كذلك مزجاة بكل الود للصديقة الدؤوبة الجوهرة بنت فهد، التي ما فتئت منذ عمادة كلية التربية إلى مقعد مديرة الجامعة عن الحركة في صالح تشكيل النحلات وتصميم طريق الشهد.. وموصولة للدكتورة ندى القاضي، والجميع.