امتدح المستشار القانوني ابراهيم الناصري الخطوة التي تنوي تفعيلها هيئة السوق المالية والمتمثلة بطرح صناديق الاستثمار للتداول في السوق المحلية.
وقال الناصري في معرض رده على اسئلة قراء الجزيرة: إن صناديق الاستثمار القابلة للتداول ستوفر ميزات تنافسية عديدة، من أهمها انخفاض التكاليف المتمثلة في التسويق والإدارة والمحاسبة التي تعاني منها الصناديق العادية، وعدم حاجة الصندوق إلى إدارة نشطة، وحصول المستثمر فيها على جميع ميزات الاستثمار في الأسهم من حيث شفافية وكفاءة التسعير ومرونة التداول بما في ذلك البيع والشراء على المكشوف، وسهولة التسييل، وإمكانية توزيع مخاطر الاستثمار على طائفة عريضة من المنتجات ذات الطبيعة المتماثلة، إضافة إلى ميزات ضريبية مهمة.. وإلى تفاصيل أسئلة القراء:
* نشرت صحيفة الجزيرة يوم السبت الماضي تعليقاً على تصريح سابق لمعالي رئيس هيئة السوق المالية بشأن دراسة الهيئة إدراج صناديق الاستثمار في السوق. فما المقصود بهذه الصناديق؟.
خالد المنصور - عنيزة
- الصناديق التي تدرس هيئة السوق المالية إدراجها في السوق هي عبارة عن نوع حديث من صناديق الاستثمار يُسمى الواحد منها: الصندوق القابل للتداول في البورصة Exchange - traded fund (ETF). ويتم تأسيس هذه الصناديق ابتداءً بغرض إدراج وحداتها الاستثمارية وتداولها في السوق المنظمة (البورصة). وهذه الوحدات الاستثمارية تشبه الأسهم في خاصية التداول، ولكنها تختلف عنها في كون الجهة التي تُصدرها ليست شركة مساهمة وإنما صندوق استثماري تُنشئه شركة وساطة مرخصة في ممارسة نشاط الإدارة، ويختلف عن صندوق الاستثمار العادي من عدة جوانب، أهمها اقتصار الأصول التي يملكها الصندوق مقابل ما يصدره من وحدات استثمارية على أصول متداولة في سوق مُنظمة وذلك بغرض توفير خاصية التقييم المستمر لوحدات الصندوق بما يتناسب مع سعر تلك الأصول. ومن أمثلتها الأسهم والسندات والسلع. ولذا يُفترض أن يكون سعر تداول وحدات الصندوق الاستثماري مماثلاً لسعر تلك الأصول. فلو فرضنا مثلاً أن صندوقاً من هذا النوع تخصص في قطاع البتروكيماويات في المملكة فاشترى كميات من أسهم شركات البتروكيماويات المُدرجة في (تداول) تتناسب مع نسبة تمثيلها في مؤشر قطاع البتروكيماويات، فإن التذبذب في سعر وحدة الصندوق الاستثماري المتداولة في السوق يجب أن تكون مماثلة لتذبذب مؤشر قطاع البتروكيماويات. ومن الناحية التاريخية تم تأسيس أول صندوق من هذا النوع في عام 1989م في الولايات المتحدة عندما بدأت بورصة فيلادلفيا بتداول وحدات صندوق يملك أسهماً في الشركات الممثلة في مؤشر SالجزيرةP 500 ولكن تم إيقاف تداوله بأمر من المحكمة بناءً على دعوى مقامة من هيئة الأسواق والأوراق المالية، وفي عام1990م جرى تداول منتج مماثل في بورصة تورنتو بكندا وحقق نجاحاً أغرى شركات الوساطة في أمريكا بالبحث عن منتج مماثل ينسجم مع لوائح هيئة الأسواق والأوراق المالية، فكان أن نجحت بورصة أمريكا في عام 1993م في تطوير صندوق قابل للتداول اسمه SPY حقق نجاحاً كبيراً (يعد الأكبر من نوعه في العالم). ومنذ ذلك الوقت ازدهر هذا النوع من الاستثمار وأصبح من المكونات الرئيسة في كل البورصات المتطورة. والآن هناك أكثر من ستمائة صندوق من هذا النوع في الولايات المتحدة فقط تملك أصولاً تتجاوز قيمتها سبعمائة ألف مليون دولار (حوالي تريليونين وستمائة ألف مليون ريال)، تشمل صناديق متخصصة في المجالات الآتية: المؤشرات، المناطق الجغرافية، القطاعات الاقتصادية، السلع، السندات، المستقبليات، وغيرها. وكانت جميع هذه الصناديق مرتبطة بالمؤشرات التي تعكس أسعار مجموعات شركات أو سلع أو نحوها، ولكن منذ عام 2008م بدأت هيئة الأسواق والأوراق المالية الأمريكية بالموافقة على تداول أنواع أخرى من الصناديق بشروط وقيود محددة. وتوفر صناديق الاستثمار القابلة للتداول ميزات تنافسية عديدة، من أهمها انخفاض التكاليف المتمثلة في التسويق والإدارة والمحاسبة التي تعاني منها الصناديق العادية، وعدم حاجة الصندوق إلى إدارة نشطة، وحصول المستثمر فيها على جميع ميزات الاستثمار في الأسهم من حيث شفافية وكفاءة التسعير ومرونة التداول بما في ذلك البيع والشراء على المكشوف، وسهولة التسييل، وإمكانية توزيع مخاطر الاستثمار على طائفة عريضة من المنتجات ذات الطبيعة المتماثلة، إضافة إلى ميزات ضريبية مهمة.
* نشرت (إحدى الشركات) إعلاناً في (تداول) يدعو مساهمي الشركة لحضور اجتماع الجمعية العامة غير العادية للنظر في جدول الأعمال التالي:
1 الموافقة على اقتراح مجلس الإدارة برفع رأس مال الشركة من خلال طرح أسهم حقوق أولوية بقيمة (295,000,000) مائتين وخمسة وتسعين مليون ريال مقتصرة على مساهمي الشركة المقيدين في نهاية تداول يوم انعقاد الجمعية العامة غير العادية، على أن يتم تحديد سعر الطرح وعدد الأسهم المطروحة للاكتتاب من قبل الشركة بعد نهاية يوم انعقاد الجمعية العامة غير العادية.
2 الموافقة على تعديل المادتين السادسة والسابعة من النظام الأساسي للشركة بما يتناسب مع هذه الزيادة. والسؤال هو: هل يجوز تأخير تحديد سعر الطرح وتحديد عدد الأسهم المطروحة للاكتتاب حتى نهاية يوم انعقاد الجمعية العامة غير العادية؟.
مروان محمود - الرياض
اطلعت على هذا الإعلان، ولم أفهم المقصود بعبارة (على أن يتم تحديد سعر الطرح وعدد الأسهم المطروحة للاكتتاب من قبل الشركة بعد نهاية يوم انعقاد الجمعية العامة غير العادية) وأعتقد أن ثمة خطأ صياغي في الإعلان، وذلك لأن الجمعية العامة غير العادية هي المختصة في تعديل النظام الأساسي للشركة، بما في ذلك التعديل المتعلق برأس المال، وبالتالي، فإن جدول أعمال الجمعية، الذي يقترحه مجلس الإدارة قبل تاريخ انعقاد الجمعية العامة بوقت غير قصير (جرى العمل في المملكة على اشتراط موافقة وزارة التجارة والصناعة عليه قبل تحديد موعد عقد الجمعية) يجب أن يتضمن تحديد مقدار رأس المال الجديد أي تحديد عدد الأسهم الجديدة وإعلانها ضمن إعلان الدعوة للاجتماع، يستوي في ذلك أن تكون الأسهم الجديدة عبارة عن رسملة من الاحتياطيات (أسهم ما يسمى بالمنحة)، أو أسهم حقوق أولوية تُباع على مساهمي الشركة بسعر أقل من قيمة السهم السوقية. وإذا لم يتحدد رأس المال الجديد ضمن جدول أعمال الجمعية العامة غير العادية فكيف تستطيع الجمعية إقرار ذلك التعديل في النظام الأساسي للشركة المتعلق برأس المال؟ ولكن قد يكون المقصود في الإعلان تأجيل تحديد مبلغ الزيادة المفترض إضافتها على القيمة الدفترية (العشرة ريالات) في أسهم حقوق الأولوية التي يتعين على المساهمين المكتتبين دفعها، فتلك الزيادة (تُسمى علاوة الإصدار) إنما تذهب للاحتياطيات وليس إلى رأس المال، وبالتالي فإنها لا تتعلق بتعديل رأس المال ولا تختص الجمعية العامة غير العادية بتحديدها وأحياناً يتأخر تحديدها إلى اليوم السابق لطرحها للاكتتاب لأنها ترتبط بالقيمة السوقية للسهم. ولكن إذا كان الفرق بين هذه الزيادة وبين القيمة السوقية كبيراً فإنه لا يوجد مبرر لتأخير الإعلان عنها إلى ما بعد انعقاد الجمعية العامة غير العادية، بل إن الإعلان المبكر عنها أمر يتفق مع مبادئ الشفافية ويضمن عدم إساءة استغلال هذه المعلومة من قبل الأشخاص المطلعين.
* في يوم السبت الماضي تحدثتم عن شركة الشخص الواحد وأنها تعني تخصيص جزء من ذمة الشخص وإفرادها بالشخصية المستقلة وحمايتها من دائنيه. ألا يتعارض ذلك مع مبادئ الإعسار في الشريعة الإسلامية؟
سعد نور الدين - مكة
هذا الموضوع يدخل ضمن ما يُعرف بمدى إمكانية تقسيم الذمة المالية للشخص سواءً أكان شخصاً طبيعياً أو معنوياً (كالشركة). وقد انقسم الفقه الإسلامي في هذا الموضوع إلى رأيين: يرى الحنابلة والشافعية والمالكية أن الذمة المالية لا تنقسم, ومن النتائج المترتبة على هذا الرأي ما ذهبوا إليه من وجوب سداد ديون المرتد عن الإسلام من تركته لا فرق في ذلك بين ما كان قد اكتسبه حال إسلامه أو حال ردته, لأن ذمته المالية غير قابلة للتقسيم. أما الفقهاء الأحناف ففرقوا بين الديون المترتبة على المرتد قبل ردته وبعدها, ويرون أن ديونه يجب أن تسدد من كسبه حال ردته, فإذا لم تكف للوفاء بالدين فحينئذ تؤخذ من كسبه حال إسلامه, لأن ما اكتسبه في فترة إسلامه حق لورثته, أما ما كسبه أثناء ردته فلا حق لهم فيه. ويُستنتج من ذلك الرأي أن الذمة المالية للشخص قابلة للتقسيم عند الأحناف. ومن التطبيقات الأخرى لمبدأ تعدد الذمة المالية في الشريعة الإسلامية الوقف؛ لأن الواقف إنما يُخصص جزءاً من ماله ويُفرزه ويوقفه على عمل معين. فلو أن هذا الوقف ترتب عليه التزامات وديون تفوق ما لديه من أموال، فإن الواقف لا يُسأل في بقية ماله عن هذه الالتزامات، الأمر الذي يعني إمكانية تجزئة الذمة المالية من حيث المبدأ. وطالما وُجد رأي شرعي مُعتبر يسمح بمبدأ تعدد الذمة المالية فإن ذلك يُسوغ إقرار نظام في هذا الشأن.. والله أعلم.
إبراهيم بن محمد الناصري
Ibrahim@alnaseri.com