يشكل انتشار أنفلونزا الخنازير هذه الأيام تحديات كبيرة على أجهزة عديدة -الصحية بشكل خاص- محلياً ودولياً، وسأعرج على بعض منها في ما يلي:
يطالب البعض مع ورود أخبار عن إصابات في بعض المدارس في المملكة بإغلاق المدارس لمنع تفشي الإصابات،
وقد سمعنا بالفعل بإغلاق عدد من المدارس أو حالات تغيب جماعي خوفاً من عدوى هذا المرض وربما يكون الإغلاق إستراتيجية مفيدة أحياناً, ولكن حيث إن المملكة مترامية الأطراف، وهناك الكثير من المدارس التي لم يحصل فيها إصابات خطيرة حتى الآن بفضل الله, فإني لا أرى تعميم ذلك على جميع المدارس، بل يظل الإغلاق انتقائيا ولفترات محدودة وحسب عدد الإصابات وخطورتها، وهذا يتطلب متابعة مستمرة وتنسيق جيد بين وزارتي الصحة والتربية والتعليم.
ما هو الحل إذن لمواجهة هذه التحديات وكيف يستطيع أبناؤنا الرجوع إلى المدارس آمنين في وقت قريب؟
الخطوة الأولى في رأيي لمواجهة التطورات الخطيرة المحتملة لأنفلونزا الخنازير هو المسارعة بإعطاء اللقاحات الخاصة في أسرع وقت ممكن، فنحن محظوظون بأن الحرارة لا تزال مرتفعة نسبياً في معظم مناطق المملكة مقارنة بالدول الأخرى في نصف الكرة الشمالي، وهذا يعطينا مساحة للعمل بسرعة لإعطاء اللقاح وتحصين أكبر عدد ممكن قبل أن يحل فصل الشتاء وموسم الحج اللذين أضحيا على الأبواب. وإذا نجحنا في ذلك فقد نتجنب كارثة خسائر بشرية كتلك التي حصلت عام 1918م من الأنفلونزا الإسبانية التي راح ضحيتها قرابة50 مليوناً في العالم كله, والتي هي أيضاً كانت نتيجة فيروس H1N1، في حينها لم تكن التكنولوجيا والعلم البشري قادرين على تطوير لقاح بهذه السرعة، وفيما لو نجح اللقاح في الحد من تفشي الوباء الحالي وإصاباته، فإن ذلك يعد نجاحاً عظيماً للبشرية بتوفيق الله. غير أنه من المؤسف أن هناك الكثير من الناس متخوف من أخذ اللقاح بعد سماع بعض الشائعات والتي انتشرت أيضاً عن الأضرار المحتملة لهذا اللقاح من مصادر غير موثوقة, هؤلاء أصموا آذانهم عن أقوال الخبراء من جهات علمية ورسمية معتمدة - ليس فقط دولياً - بل حتى محلياً، لقد استثمرت المملكة ولا زالت في أبنائها، ونرى الكثير منهم يتبوأ مراكز قيادية في وزارة الصحة والجامعات والمستشفيات التخصصية والعامة وهيئة الغذاء والدواء وحان الوقت أن يثق المواطنون بها، وأن يتبعوا إرشاداتها هذا عدا تصريحات المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية وابتداء بعض الدول الغربية بالفعل بإعلان حالة الطوارئ وإعطاء اللقاح بشكل متسارع.
وهناك تحدياً آخر يواجهنا هو أنه إذا ما تفشت هذه الجائحة -لا قدر الله- لأن بعض المواطنين امتنعوا عن أخذ اللقاح فستجد الأجهزة الصحية نفسها عاجزة عن استيعاب المرضى الذين يحتاجون لتنويم في المستشفى - خاصة العناية المركزة- لتقديم الرعاية والدعم لهم حتى الشفاء.
ختاماً، تحديات جائحة أنفلونزا الخنازير تتمثل في تثقيف المواطن والمقيم وتوفير اللقاح لأخذه في الفترة القصيرة المتبقية قبل حلول فصل الشتاء وموسم الحج والمتابعة المستمرة للوضع المتغير يومياً للجائحة، وأخيراً التكاتف والتنسيق بين الجهات المختصة لتوفير الأسرة الكافية في المستشفيات - خاصة العناية المركزة - في حالة تزايد عدد الإصابات والله نسأل أن يقي البشرية عامة وبلدنا خاصة شر هذه الجائحة وأن يوفقنا لأخذ الأسباب الناجعة.
* عضو لجنة الشؤون الصحية والبيئة بمجلس الشورى/استشاري أمراض صدرية