Al Jazirah NewsPaper Saturday  21/11/2009 G Issue 13568
السبت 04 ذو الحجة 1430   العدد  13568
حين نهذي فلا نهتدي
د. إبراهيم بن عبدالرحمن التركي

 

قيل ويقال عن تفسير التاريخ للحوادث، كما تفسيرها له، ووعينا ما روي حول تشبيه التاريخ بالمجنون الذي يكرر نفسه، ويبقى أننا نقرأ الواقع بعين الماضي ونرى به الغد، وفي هذا إحباط لمن حلموا أن يستيقظوا، ومن آمنوا بمنهج (القطيعة) مدرجاً للإبداع وعلاجاً للاستنساخ، لكننا نحلم ثم نعلم ثم نألم ونلتفت حولنا؛ فإذا نحن هناك حيث كانوا.

** تختصرنا (حروب المرتدين)، و(اغتيال الفاروق)، و(الفتنة الكبرى) -كما أسماها (طه حسين)-؛ فتاريخنا - منذ وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) مرتهن للتمرد والغدر والولاءات القبلية والمذهبية، وقد انتصر أبو بكر رضي الله عنه، وشمخ العظيم عمر، وهلك (أبو لؤلؤة الكسروي)، وظلت فئام من أحفاده مملوءين بأحقاده؛ يدينون (للإيوان)، ويتمنون أن لو قتلوا كل (عمر) فينا.

** لم تستطع (عمائمهم) ستر سوءاتهم، وكنا - قبل ثورتهم - نلتقي في الوطن والأمة، وبتنا - بعدها - مسكونين بخطايا المذهبية التي أوقدوا نارها، وتابعهم بعضنا؛ فأضافوا إلى اللهيب لهيباً.

** بسببهم خربت بلدان، واحتربت طوائف، وانفتح الفضاء أمام الارتزاق والنفاق؛ فانشغل العامة والخاصة بجدل القرون الذي يوشك أن يهدم جسور الانتماء الوطني والعروبي، وليطمئن قتلة عمر أنّ إيوانهم سيعود.

** مرت أزمات كثيرة كشفت المخبوء فيهم وفي أوليائهم، وما عدنا متأكدين من مناوئيهم؛ أمن أجل الوطن أم من أجل المذهب، وتاه الموقف من (الكسروية) وسط اختلاط الرؤى؛ فالصراع الحقيقي هو مع القاتل المحترف الذي غدر بمن كانت آخر كلماته - كما روى عمرو بن ميمون (صحيح البخاري): (لئن سلمني الله لأدعن أرامل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبدا)؛ وها هو العراق كله لا أرامله وحدهن في عهدة كسرى وقيصر.

** العراق ورقة واحدة من مجلدات تثبت أننا ما نزال في حروب مع المرتدين والخوارج والعملاء والطائفيين والشعوبيين والقتلة المأجورين، مثلما نحن في مواجهات مع التخلف والفقر والمرض والانغلاق.

** لا تكفينا هذه الأدواء فننصرف إلى جدل عقيم حول قضايا هامشية يراد لها التصدر؛ فنختصم سادرين ثم نصحو على مدافع كسرى وقيصر تدك بواباتنا من الجهات الأصلية والفرعية.

** قتل (فيروز الكاشاني) عمر، و فتح (ابن العلقمي) أبواب بغداد للمغول، وأسهم أشياعهما - قبل أعوام- في سقوط بغداد التي أدركنا اليوم أي سد منيع هدموه.

** حكايات أقرب إلى التهويمات لا تجزم بحقيقة؛ فليس هذا شأنها، لكنها تعجب إذ لا نعي أسطراً كتبها الزمن وبعثرها اللجاج السياسي والثقافي والاجتماعي، وقد تكرر سيناريو استباحة بغداد، فهل يتكرر قتل عمر؟

** الجراح هذيان.

IBRTURKIA@GMAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد