من جهة أخرى التقت (الجزيرة) بالدكتور عثمان بن محمد العربي الذي أجاب على سؤال حول إمكانية طرح فكرة لتطوير الصحافة الإلكترونية المحلية من قبل المؤسسات الإعلامية الرسمية، واستثمار ذلك بإشتراكات رمزية يدفعها المتصفح للاستفادة من تلك الخدمات الإلكترونية المتكاملة، فأجاب بقوله:
إن كثيراً من الصحف العالمية عملت تجارب مثل هذه، في فترة من الفترات وحددت اشتراك بمبلغ معين للدخول على موقعها، ولكن لم تنجح كثيراً والمشكلة في ذلك حقيقة أن المتصفح العادي اعتاد أن يلجأ إلى هذه المواقع او تلك ليستفيد منها مجاناً، لهذا، فإن اشتراط مبلغ معين، تحول دون الإشتراك حتى لو كانت بأسعار رمزية، فالمستخدم يبحر في آلاف المواقع المجانية التي تمنحه جميع ما يحتاجه وأكثر في شتى الميادين وأصناف المعرفة، فلماذا يلجأ إلى موقع واحد يشترط مبلغا ماديا ويقدم نفس ما تقدمه تلك المواقع المجانية. فالناس عموماً ليست مستعدة بعد للدفع مقابل الحصول على أخبار عن طريق الإنترنت.
بالإضافة إلى أن طبيعة هذه التقنية أن تكون متاحة ومجانية ومتوفرة للجميع، لذلك، فهذه الاسعار الرمزية وان كانت مستحقة من وجهة نظر القائمين عليها إلا أن المتصفح يراها كحواجز معينة أو عراقيل تُصنع دون الاستفاده من معلومات له حق الحصول عليها مجاناً من وجهة نظره.
وفي معرض إجابته حول إحدى نتائج الدراسة مفادها بأن الصحافة اليومية المطبوعة تأتي في ذيل القائمة في المصداقية؛ حيث تحظى بمصداقية عالية في بعدين فقط هما السمعة الجيدة والخبرة من أصل 14 بعداً آخر، قال:
هناك بعض الابعاد تتكلم عن الآنية والاكتمال والحيوية وعدة أبعاد أخرى، الجماهير في كثير منها هي التي تضع المصداقية، وفي اعتقادي مثلاً أن الصحافة المطبوعة بذاتها لا تتمتع بكثير من تلك الابعاد سابقة الذكر، مثل الآنيه والحيوية أي مواكبة الخبر، فالخبر العاجل يأخذ قرابة اليوم ليظهر للقراء، بعكس الإنترنت التي يواكبها وقت حدوثها، أي أن الصحافة الإلكترونية تتفوق من الناحية التقنية، إضافة إلى الجهد الذي يبذله المعني للحصول على الأخبار من الصحف الإلكترونية وبين الحصول على الاخبار من الصحف المطبوعة، فالصحف الإلكترونية يطلع عليها من أي مكان ودون تكلفة جهد بدني او مادي يذكر، بعكس الصحف المطبوعة، بالإضافة إلى سهولة لغة الكتابة في الصحافة الإلكترونية التي تخاطب عموم القراء، ولكن على الصعيد الآخر فإن الصحافة في غالبها نخبوية وبعض الصحف تحتاج إلى قراءة الخبر نفسه او المقال عدة مرات للإحاطة بالمعنى.
ولكن من ناحية أخرى، الصحيفة المطبوعة ترتكز على جوانب رأسية من الإيجابيات، كامتلاكها أسماء كتاب لهم سمعة جيدة ومرموقة وموثوقين في المجتمع، ومقالات وزوايا تحليلية متعمقة قد لا تتوفر في الصحف الإلكترونية بتلك الاحترافية.
وأشار الدكتور العربي على أهمية وجود مؤسسات محايدة حكومية كانت أم أهلية لتخدم المجتمع بإستطلاعات ومسح احترافي ودراسات موضوعية وموثوقة متجددة في شتى المواضيع والميادين بالتعاون مع مع الباحثين الاكاديمين والقادرين على ذلك، فالمجتمع السعودي كما يقول العربي في حاجة ماسة لمثل تلك الخدمات التي تساهم في تطوير المجتمع والخدمات المقدمه إليه ومعالجة الامور قبل أن تتأزم أو تكون في نقطة صعبة، مقارنةً مع ووجود مثل تلك المؤسسات الربحية وغير الربحية في كثير الدول الغربية والتي تكون معنية بتلك الدراسات والأبحاث، لذا بلادنا في حاجه لدراسات تواكب أو حتى تسبق توجهات واهتمامات الناس من نواحي إعلامية وجماهيرية اجتماعية مختلف تستثمر بما يعود على المجتمع بالخير.
كما تطرق الدكتور عثمان العربي إلى الوضع المتعثر الذي يعايشه الباحث ومعاناته في إكمال دراساته ونشرها في الاوساط المعنية، مشيداً ومباركاً في ذلك بالجهود الحثيثة لصحيفة الجزيرة في دعم الباحثين وإعطائهم الفرصة لخدمة مجتمعهم من خلال تبنيها لهذا الكرسي الذي تخصص في مجال الصحافة الدولية، وذلك في ظل جامعة الملك سعود والتي تعيش ثورة معرفية بما تعنيه الكلمة في ظل إدارة معالي مدير الجامعة الدكتور عبدالله العثمان.