كشفت المباراة الفاصلة التي جرت أمس بين المنتخبين المصري والجزائري الشقيقين أن كرة القدم تستحق أن تحصل على لقب (كرة القدم أفيون الشعوب).. لقباً حصرياً قادراً على تخدير أي شعب، وجعله ينسى ارتباطاته القومية وعلاقاته الأخوية، ووشائج القربى والتاريخ الطويل الذي يميز العلاقات المصرية الجزائرية.
لا يهمنا من الفائز، ففي النهاية الذي وصل إلى جنوب أفريقيا فريق عرب، وسيكون ممثلاً وحيداً للعرب، إلا أن الذي كدر العرب جميعا الشحن النفسي الذي كان عليه المصريون والجزائريون على حد سواء، وكأنهم يخوضان موقعة حربية حقيقية، وليس مباراة لكرة القدم.
حشد جماهيري لا يحصل إلا في المواجهات القومية الكبرى كمواجهة غزو جيش أجنبي، أكثر من عشرة آلاف إنسان يتعاركون في ملعب كرة القدم في العاصمة الجزائرية للحصول على تذكرة سفر إلى الخرطوم لحضور المباراة الفاصلة مع مصر، بعض من أسعفه الحظ وحصل على تذكرة السفر لم يتح له الوقت ليرتدي ملابسه فتوجه للسودان بملابس النوم.
على الجانب الآخر، تزايد الشحن الإعلامي الذي يقوده مذيع فاشل افتعل قضية مع المنتخب المصري أثناء مشاركته في مباريات كأس القارات في جنوب إفريقيا، وأخذ الآن يزايد على وطنية المصريين، ويدس ما بين كلماته تحريضاً يوغر قلب المصريين على إخوانهم الجزائريين في ظل هذه الأجواء العدائية احتضن الإخوة السودانيين أنصار المنتخبين المصري والجزائري وإذا كان من حسنة أظهرتها هذه المباراة فهو تأكيد المعدن الطيب والنظيف للشعب السوداني الرائع الذي فتح بيوته لأشقائه الجزائريين والمصريين على حد سواء، وقبل ذلك قلوبهم البيضاء، التي خففت من حرارة اللقاء، وأظهرت للأشقاء أن اللقاء مجرد مباراة لكرة القدم، من يخسر فيها يجب أن يبارك للفائز، والفائز يتعامل مع الانتصار بتواضع ويشكر شقيقه المنتخب الآخر.
هكذا هي الرياضة، وهكذا هي الروح الرياضية التي يتبجح الرياضيون دائماً بالحديث عنها وهم أول من يخرق هذه الروح، التي جسدها السودانيون وجسدوا أيضاً معها ماذا يجب أن يكون عليه العربي في تعامله مع شقيقه العربي.
jaser@al-jazirah.com.sa