الجزيرة الثقافية - خلود العيدان :
ألم يأتِ الوقت الذي نغير فيه بعض ما آمنا به من المسلّمات؟! فهل سنظل نردّد أن العرب لا يقرؤون حتى نهاية العالم، ونؤكد دائماً على أن الثقافة العربية مغلق عليها بقلعة بعيدة أضعنا مفتاحها! وألا أمل بأن تتضاءل الفجوة (المهولة) بين الأجيال كما يصورونها؟ وهل حقاً الحديث عن الفيسبوك facebook (موقع التشبيك الاجتماعي Social Networking) يستحق تساؤلات كهذه؟
هو ذلك العالم الذي استحق مسمى دولة في كتاب لمحمد البسيوني عن دار الشروق بعنوان (دولة الفيسبوك)، والعديد من المقالات والمؤلفات والملتقيات التي تناقش ماهيته ودوره، وتبحث عن سره وسحره. موقع وصل عدد أعضائه إلى 175 مليون مستخدم، منهم أكثر من مليوني عربي حسب إحصاءات فيسبوك، ووصل عدد أعضائه من السعودية إلى أكثر من ربع مليون عضو، وفقاً لمقال الدكتور عمار بكار في صحيفة الاقتصادية بعددها 5635.
وقريباً من النبض الثقافي نجد في عالم الفيسبوك تنوعاً غزيراً ونشاطاً مميزاً ابتداء بتحضير لملتقيات ومهرجانات ثقافية، توزع عبره المهام وتُدار الفعاليات بمتابعة الأعضاء وبإعلان قوي المفعول عبر الدعوات الموجهة لقوائم الأصدقاء والصفحة الرئيسية ومدعم بكثير من الأحيان بمقاطع مرئية، نجد بعضها لمشاهير من المثقفين يدعون ويروجون إليها، ومروراً بنواد للكتب في مناطق مختلفة من المملكة في الرياض، جدة، حفر الباطن وغيرها من المدن التي يقوم منسقو المجموعات بإدارة تجمعاتهم وإعلان الكتب أو المواضيع التي ستناقش بضمان دعوة عدد هائل من الأصدقاء. ومن نوادي الكتب إلى الحملات التثقيفية مثل حملة (كتبنا ليست لنا) بجامعة الملك سعود، ومجموعات كتب إلكترونية وانتقاءات لأروع القراءات، ومجموعات يديرها كُتّاب لهم اسمهم أيضاً مثل مجموعة (رابطة الأدباء والكتاب السعوديين) بإدارة الشاعر عبدالله الصيخان، التي تصف نفسها بأنها (تجمع أدبي ثقافي يضم أدباء وكُتّاب المملكة، يبحث في شؤون وشجون الأدب والثقافة ويمهد لقيام الرابطة).
وعالم الفيسبوك حالياً ضم العديد من الأدباء والكتّاب ورؤساء تحرير لصحف سعودية وحتى وزير الثقافة والإعلام الذي أحدث دخوله ضجة كبيرة، ومن الذين أنشؤوا صفحاتهم وتابعوا قوائم أصدقائهم ومعجبيهم من مثقفينا السعوديين نشير إلى بعض الأسماء أمثال عبدالله الكعيد، عبدالله بجاد، سلطان البازعي، هاني نقشبندي، أشجان هندي، شريفة الشملان، مشاري الذايدي وعبده خال وغيرهم كثير، مؤكدين بذلك أن العالم بات أصغر مما نتخيل، وأن التواصل أسهل مما نتوقع، وأن الثقافة لم تعد حكراً على أحد.