هل يعتبر الإغراء من أهم وسائل الفن حديثاً، سواء أكان راقياً أم هابطاً - كما يفضل البعض أن يطلق عليه - من خلال الفيديو كليب، الذي يعتمد بالدرجة الأولى على الصورة المتحركة حركة سريعة؟
إن زمن (الفيديو كليب) أحدث الكثير من التغييرات، سواء على مستوى الأغنية أو على مستوى الرقابة، أو على مستوى الذوق العام، حيث ظهرت فئة من الشباب لا يعنيها من الأغنية سوى اللقطات الراقصة، وهذا يعني أنه إذا لم يشاهد الأغنية مصورة فلن يستمتع.
هذا المفهوم خلق جيلاً آخر من المتلقين، وغير الكثير في مفهوم التلقي، وطريقة التلقي، وبناء على ذلك يحدث تحول على مستوى تجريم مثل هذه الأعمال التي كانت في بدايات ظهورها أوائل السبعينات الميلادية من القرن الماضي تبدو أكثر حياءً مما هي عليه الآن، وتطور الأمر إلى أن أصبحت - حالياً - نسخة مقلدة من الكليب الأجنبي، في طريقة تصويره، وأكثر فحشاً في بعض الأوقات منه فيما يخص لقطات الإغراء، أو تلك اللقطات التي تجمع المغني أو المغنية في مشاهد رومانسية مع كومبارس العمل.
إذن لغة الإغراء هي الأخرى تطورت، واختلفت، وربما تختلف من وقت لآخر، فهي ذات قوالب وأشكال، ربما شخص مثلي - قليل الثقافة - في هذا الأمر لا يستطيع أن يفصل فيها.
لكن الذي حدث، كان أمراً ظريفاً ربما يدلل على وجود مدارس واتجاهات للإغراء، فهناك إغراء محترم، وهناك إغراء بإسفاف، كما تؤكد ذلك الفنانة باسكال مشعلاني التي تستطيع أن تشخص هذا الأمر، ففي لقاء معها في البرنامج الكوميدي (حيلهم بينهم) الذي هو عبارة عن كاميرا خفية، لم يتمكن مذيع البرنامج من إثارة غضب فنانة الإغراء المشعلاني، التي يلتفت إلى ما تقدمه من أعمال فنية أعداد كبيرة من شباب وشابات الوطن العربي، وكلهم لهفة في أن يشاهدوا الفنانة في الفيديو كليب، وهي تقدم لوحاتها الفنية الاستعراضية، من خلاله نماذج من مواهبها المتعددة، وعلى الرغم من هدوئها وعدم غضبها إلا أنها كشفت عن اتجاهها في تنفيذ أغاني الكليب، من خلال الإغراء المحترم، كما قالت، حيث تنظر إلى المرأة أنها مخلوق مغر، وليس من الحق أن ينظر إليها بمعزل عن ذلك والتي لا تقدم إغراء في أعمالها الفنية يجب أن تجلس في بيتها، كما قالت، وهذا الأمر فيه اختزال شديد لدور المرأة حتى على المستوى الفني، فالمرأة التي تقدم فناً راقياً على مستوى الأغنية والكلمة الجميلة، لا يشترط أن تقدم إغراء، لأنها تمتلك الأدوات الفنية التي تجعلها مؤهلة لذلك، إما من لا تمتلك تلك الأدوات، من جمال الصوت، والقدرة على الأداء المتميز، مثل عمالقة الغناء العربي، أم كلثوم، وأسمهان، وفيروز، وغيرهم، مثل هؤلاء لم يكونوا بحاجة إلى الإغراء، لا المحترم، ولا المسف، لهذا قدمت بسكال مشعلاني، نموذجاً حقيقياً لواقع الغناء هذه الأيام، ولارتباط هذا الفن الراقي بالإسفاف، وهي تريد أن تخلق تمايزاً بينه وبين ما يمكن أن تطلق عليه (إغراء محترم)، فهل هناك فعلاً إغراء محترم وإغراء غير محترم؟
* كاتب وإعلامي
Kald_2345@hotmail.com