كانت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - أيده الله - للحفل الذي أقامه معهد الإدارة العامة في الرياض بمناسبة مرور خمسين عاماً على إنشائه والذي أناب عنه لحضوره معالي وزير الخدمة المدنية ورئيس مجلس إدارة المعهد
تشريفاً لقطاع الإدارة العامة والعاملين فيها في بلادنا، كما هو دأبه - رعاه الله - فقد سبق أن أصدر الأوامر والقرارات المتتالية حول زيادة رواتب الموظفين وإنشاء العديد من الهيئات والمؤسسات واللجان التنظيمية ومن ذلك اللجنة الوزارية للتنظيم الإداري والذي جعل على رأسها ساعده الأيمن وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - والتي حققت إنجازات عديدة في مجال التنظيم الإداري في المملكة بدمج بعض القطاعات الإدارية قطاعات جديدة.
وعندما نعود إلى بداية تاريخ الإدارة العامة في المملكة نرى جهود المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله - فقد كان مع بداية التأسيس وخلال مراحله يولي اهتماماً التي تقدم للمواطنين ويحرص على أن يقوم بذلك موظفون يتمتعون بالكفاءة والجدارة ومن ذلك تصرفه الحكيم عند دخوله مكة المكرمة سنة (1343هـ) فقد كان من أولى قراراته الإبقاء على الموظفين الذين حازوا على ثقة الناس وتقديرهم مع زيادة رواتبهم، أما في سنة (1376هـ) وفي عهد الملك سعود والملك فيصل - رحمهما الله - فقد دخلت الإدارة في المملكة العربية السعودية بابا جديدا نحو التطور والتقدم والتحديث فقد أوصت مؤسسة فورد التي استقدمت المملكة خبراءها لدراسة وضع الإدارة العامة في المملكة ومن ثم العمل على تطويرها.
وبالفعل فقد اتخذت هذه المؤسسة بخبراتها خطوات جيدة في هذا المجال عندما قامت باقتراح تطوير الأنظمة الإدارية والمالية بما في ذلك الإجراءات المتعلقة بالميزانية والنظام الذي يحكم أوضاع موظفي الدولة، حيث أوصت بإصدار نظام جديد متطور على ضوء ما طرأ من أفكار ومبادئ حديثة في مجال القوى العاملة والذي بناءً عليه صدر نظام الموظفين لسنة 1391هـ الذي يعتبر بداية التطور والتحديث في مجال أنظمة الخدمة المدنية لما احتواه من مبادئ حديثة من أهمها مبدأ الجدارة في شغل الوظيفة العامة وتحري الموضوعية والنزاهة في ترقيات الموظفين واستحداث العديد من المزايا المادية والمعنوية للموظفين.
كما أن من ثمار الدراسات التي قامت بها مؤسسة فورد التوصية التي قدمتها حول ضرورة ابتعاث العدد الممكن من موظفي الدولة لدراسة أساليب وإجراءات الإدارة الحديثة في خارج المملكة وهو ما حصل بالفعل حيث عاد أولئك المبتعثون إلى وطنهم لقيادة العمل الإداري في بلادنا والوصول به إلى مرحلة جديدة من التطور والتقدم ومن أبرز توصيات المؤسسة المشار إليها في مجال الإدارة بالمملكة توصيتها الخاصة بإنشاء معهد الإدارة العامة قياساً على ما هو موجود في الدول المتقدمة كالولايات المتحدة وفرنسا واليابان وذلك من أجل النهوض بشؤون الإدارة العامة في المملكة عن طريق تدريب الموظفين وبالذات غير المؤهلين علمياً على أحدث ما وصلت إليه الإدارة العامة من تطور وتحديث في مجال إجراءات سير العمل الإداري.
وقد خطا المعهد خطوات جيدة في هذا المجال عن طريق البرامج التدريبية المكثفة التي نفذها لمختلف مستويات الموظفين، حيث لقيت برامج المعهد التدريبية إقبالاً كبيراً من موظفي الدولة بل إن المعهد لم يكتفِ بهذا النشاط بل أضاف إليه أنشطة أخرى تتعلق بتطوير الإدارة في المملكة، وهي:
* استحداث برامج إعدادية على غرار البرامج الدراسية في الجامعات في مجالات الأنظمة والمالية والإدارة والسكرتارية واللغات يلتحق بها خريجو بعض التخصصات الجامعية وخريجو الثانوية العامة من أجل إعدادهم وتأهيلهم للعمل الإداري في الأجهزة الحكومية، وقد أثبتت هذه البرامج نجاحها حيث يقوم خريجوها اليوم بشغل العديد من الوظائف الإشرافية والتخصصية والتنفيذية.
* قيام المعهد بتنفيذ العديد من الدراسات والاستشارات الإدارية لعدد من الأجهزة الحكومية بل لبعض المنظمات الإقليمية وذلك انطلاقاً من تخصصه وخبرته الطويلة في هذا المجال.
* استحداث برامج خاصة بالعمل في القطاع الخاص كالبنوك ونحوها لمساعدة الخريجين للعمل في هذا القطاع.
وفي عهد لملك خالد والملك فهد - رحمهما الله - تم استحداث مجلس الخدمة المدنية كدليل على اهتمام بلادنا بالإدارة العامة والعاملين فيها باعتبارهم يقومون بترجمة القرارات والتوجهات الحكومية إلى خدمات محسوسة للوطن والمواطن، فقد قام هذا المجلس بإنجاز العديد من الأنظمة واللوائح التي تنظم حقوق وواجبات الموظفين بمختلف شرائحهم مما أعطاهم دفعاً نحو مزيد من العمل والإنتاج والإخلاص.
وفق الله معهد الإدارة العامة وقطاع الإدارة العامة والعاملين فيها في بلادنا لمزيد من النجاح والتقدم والإخلاص.
* وكيل الوزارة المساعد بوزارة الخدمة المدنية