ما يزال الحوار يقف خلف أسوار المدارس لم يؤذن له بالدخول ليس بسبب عدم إيمان كثير من منسوبي المدارس بأهميته للطالب فحسب! بل لأن المسؤولين في وزارة التربية والتعليم حتى الآن لم يعطوه الأهمية التي يستحق تاركيه تحت رحمة القناعات المختلفة!
فحتى الآن لا يوجد لدى الوزارة مشروع واضح المعالم للحوار في مدارسها تستمده من أهداف إسترتيجيات مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني! الطالب لا يجد فرصته للتعبير عما في نفسه ولم يتعلم بعد أساسيات وأدبيات الحوار سواء مع زملائه أو معلميه، ولقد تعودنا أن تخرج مدارسنا طلابا تمت (قولبتهم) كي (يستقبلوا) أكثر من أن (يرسلوا) وهم غالبا لا تتاح لهم الفرصة للتعبير عن آرائهم الحقيقية دون مخاوف من عقاب أو استهزاء أو تقليل من شأن ما يقولون، لذلك تظهر أشكال سلبية للتعبير تتمثل في الكتابة على الأسوار أو في دورات المياه! والأسوأ أن يعبر الطالب عن رأيه بتوقيعه على سيارات المعلمين بتكسير زجاجها أو العبث بمحتويات المدرسة أو غير ذلك من وسائل التعبير التي نستغرب حدوثها ونجهل أننا أحيانا نؤسس لها في نظامنا التعليمي! أحد أهم أشكال التعبير الإيجابي هو فتح معابر الحوار، ومن حسن طالع وزارة التربية والتعليم أن ينظم إلى قيادة دفتها رجل مثل معالي الأستاذ فيصل بن معمر نائب وزير التربية والتعليم والأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني فمن المتوقع ومن خلال هذا الموقع القيادي المتقدم في الوزارة أن يعمل على جعل المدارس تفتح أبوابها ونوافذها لكي تستنشق عبق الحوار الذي نأمل أن يملأ عقول الطلاب بأوكسجين التعبير عن الرأي مما سيجعل العقول أكثر انفتاحاً، فلقاءات الحوار الوطني التي انطلقت من مركز الملك عبد العزيز للحوار استهدفت بث ثقافة الحوار في محالاوت نجح الكثير منها لتمرير هذه الثقافة الجديدة داخل دهاليز العقول المتحجرة لكن تلك المحاولات واجهت بالتأكيد الكثير من الصعوبات لأن تلك المهمة تحتاج إلى سنوات طويلة وإلى اختيار الشريحة المناسبة لتقبل مفهوم الحوار! وقد كتبت عدة مقالات في ذلك من ضمنها أن الحوار إذا لم يتم تعلمه كسلوك في المدارس فمن الصعب أن يتعلمه الإنسان على كبر وإن تعلمه فصعب أيضاً أن يتمثله ويطبقه سلوكا! وفي هذا العام الدراسي نتمنى أن يتم غرس شتلات الحوار في مدارسنا وليكن حواراً بناء وهادئاً بين الطلاب والمعلمين وبين كل شريحة فيما بينها!
نتمنى أن تدخل طلائع الحوار إلى المدارس وليكن هذا العام موسما ثريا تنطلق فيه قوافل حوارات الطلاب والمعلمين في الفصول التي ومنذ زمن يتردد فيها صدى الصوت والرأي الواحد وهو رأي وصوت المعلم! لعلنا نخرج جيلا لا يعتز برأيه الخاطئ أو بأن لديه الرأي الصحيح والحقيقة المطلقة نريد جيلا ينفتح على إخوانه وأقربائه وجيرانه وحتى مع الغرباء ليناقشهم ويحاورهم بالتي هي أحسن، لنجرب الحوار المكثف وليس حوار الندوات والبرامج لأن الحوار الذي (يسكن) المنهج الدراسي ويكون ضمن المقررات الدراسية إذا دخل مع الباب سيخرج الخجل والكبت والتشدد والتعصب وحتى الإرهاب من النافذة!!
alhoshanei@hotmail.com