كان اختيار مجلة فوربس الأمريكية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله ووفّقه ورعاه - ضمن العشرة الأوائل في قائمة الأشخاص الأكثر نفوذاً في العالم هذا العام، والتي ضمت 67 شخصاً ما بين رؤساء دول ووزراء وشخصيات مؤثّرة وبشكل مباشر على الاقتصاد العالمي، أقول كان هذا الاختيار بالنسبة لي على الأقل أمراً متوقعاً وليس بمستغرب، لما أعرفه عن مثل هذه المجلات من حرص على سمعتها ومتابعتها لإيقاع الأحداث وتداعياتها ورصدها للتحرك الرسمي والشخصي وانعكاساته المحلية والدولية وقراءتها للأطروحات والأفكار التي يتبناها الأشخاص أصحاب النفوذ وذوو التأثير العالمي والإقليمي قراءة علمية متأنية وعلى يد متخصصين أفذاذ، ولذا استحقت أن تكون قائمة مجلة فوربس الشهرية أكثر القوائم شهرة في العالم المعاصر ومن أكثرها مصداقية حتى وإن اختلفت التوجهات وتباينت الاتجاهات والاهتمامات، وهذا سلوك ندب الله عزَّ وجلَّ المسلم للالتزام به في حياته، في مثل قوله عزَّ وجلَّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)، إن هذه المجلة تلتزم العدل القولي الذي نحن أحق به من غيرنا، والتزامنا به دين وقربة إلى الله عزَّ وجلَّ والشاهد الذي نستند عليه في هذا القول كلام رب العالمين (قطعي الدلالة قطعي الثبوت كما هو معلوم)، والأهم والأبرز والسبب المباشر لهذا المركز العالمي المتقدم لخادم الحرمين الشريفين ما تتميز به شخصيته - رعاه الله - من أثر مباشر على كثير من التداعيات والأطروحات العالمية، فهو أدامه الله صاحب رؤية تصحيحية عميقة تنطلق من أسس راسخة وركائز صالحة لكل زمان ومكان، ذات بعد عالمي متكامل وهي من الشمولية والمرونة والإقناع ما يجعلها محل اهتمام ومتابعة وتحليل من قبل أصحاب الاهتمام بمستقبل الإنسانية جمعاء، فهو من طرح فكرة التقارب الثقافي وحوار الأديان العالمي بحثاً عن الحق (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ...)، وهو من أعلن فكرة التسامح العربي وطوى صفحة المنازعات والاختلاف إلى الأبد، وهو من أعاد النظر في ركائز البناء التنموي الداخلي فكانت مشاريعه العملاقة الطموحة والساعية للتطوير والتغيير المدروس، ولكن يبقى السؤال المهم الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا نحن الشعب السعودي: ترى إذا كنا ننعم بقيادة متميزة عالمياً ومؤثّرة بشكل مباشر كما شهد بذلك الكثير من المنظّرين والمحلّلين والكتّاب العالميين المتخصصين، وكنا في ذات الوقت نملك ثروات طبيعية متميزة ولدينا خيرات متجددة ولله الحمد والمنّة وعلى رأسها النفط، وننتمي إلى دين حضاري يعلن الإنسان خليفة لله في الأرض ويندبه للعمل والإتقان فيه ويحث على العلم والسعي في مناكب الأرض، وكنا بلد الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين، إذا كنا كذلك، بل أكثر من ذلك فلماذا نحن في العالم الثالث نوصم بالتخلّف والرجعية، لماذا نحن عالة على كثير من العوالم، لماذا نعاني من الفساد، هل هو النظام، أم نحن الشعب، وإلى متى نظل كذلك، هل التغيير الذي يتطلع إليه البعض يمثّل خطراً على شخصيتنا التي نفاخر بها!! يهدد توجهاتنا الدينية وعادتنا وتقاليدنا الاجتماعية وأعرافنا المحلية؟! أم أنه - التغيير - ضرورة من ضرورات الحياة المعاصرة تفرضه الأحداث وينسجم ويتفق مع ما يتسم به ديننا الحنيف من صلاحية للزمن والمكان. عوداً على بدء نبارك لأنفسنا وجود قيادة عالمية متميزة ونسأل الله عزَّ وجلَّ أن يحفظها ويرعاها ويسدد على الخير خطاها، وجزماً كل كلمة تُقال في حقك خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تتقازم أمام هامتك التي تشعرنا دوماً بعزة المسلم وأنفة العربي وشموخ الإنسان وتميز المواطن السعودي الأشم، ودمت عزيزاً يا وطني.. والسلام.