Al Jazirah NewsPaper Wednesday  18/11/2009 G Issue 13565
الاربعاء 01 ذو الحجة 1430   العدد  13565
أنت
بعد التلفزيون هل من التفاتة إلى النشر يا معالي الوزير؟
م. عبد المحسن بن عبد الله الماضي

 

واقع النشر السعودي من ناحية كم الإنتاج واقع مزدهر.. بل ومتفوق.. فإنتاج الأدب والفكر والثقافة السعودية يكاد يتناصف مع كامل الإنتاج العربي.. لكن لو نظرنا إلى واقع النشر السعودي كصناعة فهو للأسف واقع مزرٍ.. مع أن مستقبل صناعة النشر السعودي مستقبل واعد.. فالمجتمع السعودي فتي مقبل.. ويستند إلى تاريخ ممتد من الأمن والاستقرار ويقوم على واقع من النمو العالي.

لكن على مَن تُلقى المسؤولية في النهوض بصناعة النشر السعودي؟.. هل هي مسؤولية القطاع الخاص أم الحكومة أم المؤلفين أم القراء؟.. الحقيقة أن جميع الأطراف في منتهى الأهمية.. ولو أخذناهم بحسب الترتيب فإن القطاع الخاص هو نتاج صناعة مقوماها التخطيط والتنفيذ.. وهو ما لا يتوافر حالياً في قطاع النشر السعودي.. فهو قائم على جهود فردية في التخطيط والتنفيذ.. ليس ذلك وحسب فعمر تأسيس صناعة النشر السعودية قصير وبالتالي فلا توجد خبرات متراكمة.. فالنشر في المملكة ليس صناعة متوارثة.. بل إن رواد النشر في المملكة هم الأحياء الآن وغالباً سوف تنتهي مؤسساتهم بانتهائهم إما بالخسارة أو بالعجز أو بالموت.. فالناشر السعودي ليس تاجراً يعرف كيف يقيم صناعة بل عاشق يخدم مهنة تقوم على الإبداع.. إذاً القطاع الخاص إذا لم يتهيأ له تحالف حكومي يساعده في تنظيم نفسه ويدفعه إلى النهوض من كبوته فهو لن يفارق القاع كحال شقيقته صناعة الإعلان السعودية.

أما المؤسسات المعنية في الحكومة وعلى رأسها وزارة الثقافة والإعلام فهي المفتاح في رأيي.. ولا نريدها أن تلعب أكثر من دور المفتاح الذي يفتح أبواب العمل في هذه الصناعة وتنميتها على مصراعيها.. والأكيد أن العمل على بناء صناعة النشر السعودية ليس معقداً أو صعباً كمكافحة الإرهاب أو البطالة مثلاً.. أما المؤلفون فإنهم المساكين ويكفيهم ما هم فيه.. وتحميلهم مشكلة ضَعف صناعة النشر السعودية ظلم لا يقره خُلق.. أما القراء فليس ذنبهم أن المبدع لم يبدع أو لم يجد من ينشر إبداعه أو أن الناشر فشل في التسويق.

إن النهوض بالنشر السعودي أمر ممكن من خلال سن تشريعات وبناء وسائل وإقرار آليات.. منها ما يجب تطبيقه فوراً كالحلول العلاجية ومنها الحلول الجذرية التي يمكن تحقيقها من خلال مراحل التنمية.. ولو أردت إيراد أمثلة محددة لما يمكن أن يُعمل في هذا المجال ومن خلال علاج مشاكل وسيلة واحدة فقط ولنأخذ مثلاً قطاع الطباعة.. فأمامي حلول علاجية كثيرة منها إيقاف التوسع في إنشاء المطابع الحكومية.. واضطلاع وزارة الثقافة بمهمة استصدار قرار حكومي بتخصيص بعض من السبعين مطبعة القائمة التي تملكها الجهات الحكومية.. ويمكن أيضاً إطلاق طباعة النشر الصحفي الإعلامي للصحف والمجلات التي ترغب في الطباعة داخل المملكة لكن النظام لا يجيزها.. ويمكن أيضاً تطبيق الأمر الحكومي بمنع طبع المنشورات الحكومية خارج المملكة.. وغير ذلك كثير. إن النشر هو الوسيلة الأهم من وسائل الثقافة والإعلام.. ومن هنا فإننا نتوقع من وزارة الثقافة والإعلام أن تهتم بهذه الوسيلة وتنميتها.. من خلال تمهيد الطريق أمامها وإزالة المعوقات التي تعترض قيامها كصناعة تدير عجلة رأس المال وتؤثر في توجيه الرأي العام.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد