المتابع لعمل الدكتورة سعاد يماني، المتخصصة في طب أعصاب الأطفال، سيجد أن هذه المرأة تسابق الوقت والزمن لتخرج لهذا الوطن بخبراتها ورؤاها حول مرض خطير هو: (فرط الحركة وتشتت الانتباه)، هذا المرض الذي عرفته قبل أكثر من خمس سنوات عندما التقيت بالدكتورة سعاد يماني في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض في حوار صحافي أجريته معها - آنذاك - حيث نبهت خلاله إلى خطورة هذا المرض الذي قد تؤدي الإصابة به إلى أفعال إجرامية مثل (الإرهاب) وممارسات شاذة وخطيرة مثل (التفحيط) وغير ذلك من الأفعال التي قد لا نجد لها مبرراً في نظرتنا المتفائلة التي قد لا تعي خطورة مثل هذه الأمراض وانعكاساتها على سلوك الأفراد، بينما وجدت الدكتورة سعاد يماني لها تفسيراً علمياً وكشفت لمجتمعنا أن المصاب بهذا المرض يتأثر كثيراً وبسهولة بالمثيرات الخارجية، حيث يعاني من صعوبة في تركيز الاستماع وتنفيذ التعليمات وأنه يجد صعوبة في تحديد موقع انتباهه وفي كيفية استمرار هذا الانتباه، أيضاً يُلاحظ على المصاب وجود تذبذب في قدراته التحصيلية المدرسية، حيث يقوم بالعمل في يوم ويصعب عليه تكرار القيام بذات العمل في يوم آخر، كما أنه غير منظّم ويفقد الكثير من ممتلكاته الخاصة، ويعاني من صعوبة العمل باستقلالية.
بسبب الحس الوطني والإنساني العالي, لم تكتفِ الدكتورة سعاد يماني بالعمل داخل العيادة، بل رأت أن خطورة هذا المرض تستدعي إنشاء جمعية تهدف من خلالها إلى رفع مستوى الحياة للمصابين باضطراب فرط النشاط وتشتت الانتباه وأهاليهم، وذلك من أجل نشر الوعي بين الأسر وأفراد المجتمع، ونشر الوعي بين العاملين في الميدان من أطباء وتربويين وأخصائيين نفسيين واجتماعيين، وأعتقد أن من أكثر تبعات هذا المرض تعقيداً النقطة الأخيرة الخاصة بالعاملين في الميدان، إذ لوحظ أن الكثير من العاملين في هذا المجال يصعب عليهم التنبه لوجود هذا المرض، لا نتحدث هنا عن المملكة فقط، بل على مستوى العالم بأسره, وهذه النقطة تحديداً هي إحدى رسائل الدكتورة سعاد يماني التي تسعى لبث التنوير حولها عن هذا المرض لكي يتمكن العاملون في الميدان من التنبه له، ومن هنا جاءت فكرة (مؤتمر جمعية ومجموعة دعم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه) الذي عُقد بالرياض الأسبوع المنصرم بالشراكة مع الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، جاء إليه الخبراء من كل أنحاء العالم ليعطونا حصيلة علمهم وأفكارهم، وهذه أحد أحلام الدكتورة سعاد يماني وهو أن تكون الرياض مقراً عالمياً للدراسات والأبحاث الخاصة بهذا المرض، وأنا على يقين بأن هذه الأحلام الوطنية ستتحقق يوماً ما طالما تقف عليها امرأة تسابق الأيام من أجل العلم، ومن أجل أن تخدم هذا الوطن بخبراتها التي أتت بها من الخارج بهذه الحماسة، وهنا لا بد من التذكير بأهمية هذه الجمعية التي مرَّ عليها الآن عام واحد وللأسف حسب علمي أنه لم ينضم لعضويتها سوى مئة شخص، وهنا أتساءل: أين هم العاملون والداعمون للأعمال الخيرية والاجتماعية؟ فهذه الجمعية ما زالت تبحث وتنتظر من هؤلاء الوقوف على جانبها من أجل أن تستمر، وأنا أؤكد للدكتورة سعاد يماني ولكل العاملين إلى جانبها أن الجمعية ستستمر وأن موطننا سيكون في القريب مركزاً عالمياً يخدم العالم برمته طالما حملت الرسالة امرأة لا تكل ولا تمل من العمل، فهنيئاً لنا بكِ وبكل المخلصات، وحق لوطننا أن يفخر بأمثالك أيتها السيدة النبيلة. وكتابتي عن الأخت الفاضلة الدكتورة سعاد يماني ليست من باب المجاملات الفارغة ولا العلاقات الشخصية وإنما هي من باب الشد على يد كل إنسان يعمل بصمت من أجل خير الوطن وخير الإنسانية, فلها ولأمثالها تحياتنا ومحبتنا واحترامنا.
www.salmogren.net