ها هو نبي الله زكريا عليه وعلى نبينا محمد الصلاة والسلام يرفع يديه لله الواحد القهار ويدعو: (ربي لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين).
ما الذي يجعل إنساناً اصطفاه ربه بالنبوة، ورفعه في دنياه مكانة لا يصل إليها إلا من اصطفى..
وفي الآخرة إن شاء الله جنة فيها لا عين رأت ولا أذن سمعت، يدعو ألا يكون في دنياه وحيداً بلا ولد على الرغم من كل ذلك؟
سؤال تردد في ذهني أكثر من مرة دون أن يجد له جواباً شافياً يسكته، وأعادني لما كان من قناعاتي أن الناس مهما كانوا، تميل نفوسهم لما لا يكون بحوزتهم أو ما لا يمتلكونه أو لم يمنّ الله به عليهم بعد، وهذا ما يجعل الدعاء لله سبحانه وتعالى وسؤاله من فضله أمراً مستمراً لا يمكن أن ينقطع أو يتوقف وأحوال الناس لا تثبت على حال، فالغني الذي أكرمه الله بمال وثروة تتوق نفسه لما حرم منه إن كان ذرية أو صحة أو غيرها، ولا يعود للمال الذي رزق به تلك الأهمية التي يعطيها لما لم يرزق به بعد، وهكذا، الفقير الذي منّ الله عليه بالصحة والعافية وراحة البال تتوق نفسه ويجتهد في دعاء الله أن يرزق المال والجاه، والمتغرب عن أهله يدعو الله بالعودة لأهله، فإذا عاد لأهله بحث عن جديد، والطالب يدعو بالنجاح، فإذا تحقق سأل الله الوظيفة، ثم التوفيق والترقية وبلوغ مكانة لا حدود لها، وفي كل الأحوال مهما عظمت نعمة الله على عبده وكثرت، تبقى نفس العبد دائماً تبحث عما ينقصها حتى وإن رزقت من الله بالكثير الذي حرم منه غيرها.
أنا أعتقد أن الأهم في نظر الناس والذي يحرصون عليه هو ما فقدوه أو ما لم يتحقق لهم، حتى إذا تحقق قلت أهميته في نفوسهم، وبحثوا عن جديد لم يتحقق ليجعلوه على رأس اهتماماتهم ودعواتهم لله سبحانه، وإلا ما تفسير أن يدعو الإنسان ربه بالصحة والعافية، ثم إذا وهبه الله ما يريد أهملها وبددها وهو يركض خلف طموحات أخرى، وإذا تحقق له ما يريد من طموحاته التي سعى إليها، عاد ثانية ليصرف ما تحقق له ليستعيد صحته وعافيته، إن لم يكن الجواب ما ذكرته، فأرجو من القارئ الكريم أن يدلني على ما فاتني في هذه المسألة.. والله المستعان.
naderalkalbani@hotmail.com