لم أتوقف كثيراً عند اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ضمن الشخصيات الأكثر نفوذاً في العالم، وبينهم رؤساء دول ورؤساء وزراء والمؤثرون اقتصادياً على المستوى العالمي، حتى وهو من حيث الترتيب يحتل موقعاً متقدماً ضمن قائمة الشخصيات العشرة الأوائل التي ضمت 67 شخصاً ممن وقع عليهم اختيار مجلة (فوربس) الأمريكية.
***
فعبدالله بن عبدالعزيز - كما أشارت المجلة - يتمتع بمقدرة عالية في ممارسة السلطة؛ نسبة لما يحظى به من حكمة وسياسة في معالجة الكثير من الأزمات على المستوى العالمي، فضلاً عن إسهاماته الاقتصادية والاجتماعية والروح التصالحية التي يتسم بها أسلوبه في التعامل مع الأزمات، إلى جانب نظرته باحترام إلى الآخرين، وبخاصة الأديان ودعوته إلى الحوار والتسامح.
***
ولهذا فإن اختيار المجلة الأشهر لخادم الحرمين الشريفين - وضمن العشرة الأوائل - لا يثير الاستغراب إلا بين أولئك الذين لا يعرفون طبيعة أسلوبه التصالحي مع من اختلفوا معه، أو أنهم يجهلون دوره المتحضر في التعاطي والتعامل مع الديانات غير الإسلامية، وربما يكون الموقف هكذا أيضاً لدى من لا علم ولادراية لديه بما أنجزه الملك عبدالله خلال فترة حكمه اقتصادياً وتعليمياً وصحياً، بما لا مثيل له في دولة أخرى؛ حيث وُلدت على يديه ست عشرة جامعة جديدة خلال أربع سنوات، وابتُعث ما يربو على الخمسين ألف طالب وطالبة للدراسات العليا في الخارج خلال الفترة ذاتها، وأنشأ عدداً من المدن الاقتصادية، مع توسعة الحرمين الشريفين، وبناء شبكة من السكك الحديدية، وغير ذلك خلال فترة حكمه، مما يستحق معه مثل هذا الاختيار.
***
ومهما يكن من أمر، فإن تجربة الملك عبدالله في الحُكْم، وخبرته الطويلة في دهاليز السياسة، وحرصه على توظيفها لصالح شعوب ودول العالم، وإيمانه القوي بأن السلام في العالم لا يتحقق إلا من خلال مبدأ الحوار، وعن طريق لغة التسامح، وأن الاستقرار لا يأتي إلا حينما تتعايش وتتناغم الأعمال النافعة وتستوطن بقوة في ذاكرة وعقل قادة دول العالم، هي ما قاده إلى التفكير في طرح فكرة الحوار بين الديانات، وتبنيه لكثير من المشروعات الإنسانية على مستوى العالم، ضمن توجُّه جميل أكسبه احترام العالم وتقدير الشعوب المحبة للسلام.
***
ومن غير شك فإن اختيار المجلة للملك عبدالله ضمن الشخصيات المؤثرة لم يأتِ من فراغ، أو أنه جاء مصادفة ليكون ضمن العشرة الأوائل؛ فكل مَنْ تتبع الخطوات التي خطاها خادم الحرمين الشريفين لبناء مفهوم جديد للقيادة، وكل مَنْ تفحَّص أسلوبه في الحُكْم وتبين له مزاياه في إدارة الدولة بهذه العقلية المتفتحة، سوف يدرك لماذا وقع الاختيار على الملك عبدالله ليكون بهذا الموقع المتقدم بين زعماء العالم، فكيف بمن يزور المملكة ويصغي إلى صوت الرضا عنه لدى شعبه في أجواء مفعمة بالحب والولاء والإخلاص، ولا يكون متفهماً لحُسن الاختيار من المجلة للملك عبدالله بوصفه زعيماً مؤثراً على مستوى العالم.
***
وباختصار شديد ،فإن عبدالله بن عبدالعزيز زعيم تاريخي، تتحدث أعماله وإنجازاته بأكثر مما يمكن أن يُكتب عنه، وبينها الانفتاح الذي يقوده بحكمة ودراية وتعقُّل، والحرص على راحة مواطنيه، والشعور بمسؤوليته أولاً نحو مَنْ هو محتاج أو فقير في صفوف شعبه، بما لا أجد أمامي زعيماً في دولة أخرى يملك هذا الحس العاطفي بمثل ما أراه في سلوك وتعامل الملك عبدالله مع مواطنيه؛ وبالتالي فإن مثل هذا الاختيار أو غيره، وإن كان مقدراً ومشكوراً من شعب المملكة، ومن كل محب لحُسن قيادة خادم الحرمين الشريفين، إلا أن الصورة الحقيقية لمعرفة حقيقة عمل هذا الزعيم ودوره البنَّاء في إرساء القيم تكون أكثر بهاء عندما تقترب منه وتستمع إليه وترى بعينيك ما أنجزه على الأرض.