تتساءل مذيعة قناة (العربية) منتهى الرمحي إن كانت إيران كحكومة، مسؤولة عن تمويل الحوثيين في اليمن أم أن مؤسساتها المستقلة كالحوزات الدينية على سبيل المثال، هي الجهة المسؤولة عن التمويل والدعم اللوجستي؟
... الحقيقة أن إيران لا تعترف باستقلال مؤسساتها عن السلطة المركزية وتبعيتها للمرشد الأعلى للثورة الذي يعتبر المسؤول الأول في هرم السلطة الإيرانية.
إيران تستغل التعدد المؤسسي لديها لتنفيذ أجندتها الثورية، وللتهرب من القانون الدولي في بعض الأحيان.
فالخطاب الدبلوماسي المحسوب على النظام عادة ما يأتي متوافقاً مع متطلبات الدبلوماسية العالمية، في الوقت الذي تُستغل فيه المؤسسات الدينية، والبرلمانية لتنفيذ الخطاب السياسي الثوري الذي يعكس في الغالب التوجه الحقيقي للنظام.
يمكن التأكد من ذلك من خلال تحليل ما يصدر عن المؤسسات الإيرانية المختلفة تجاه العالم الخارجي؛ فعلى سبيل المثال يهاجم المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي، السعودية على خلفية عدم السماح للحجاج الإيرانيين بالتظاهر في موسم الحجاج، ثم يتبعه رئيس النظام محمد أحمدي نجاد.
أحداث الانتخابات الرئاسية الأخيرة تؤكد حقيقة استقلال المؤسسات الإيرانية الشكلية، وأن النظام الحاكم بمرجعيته الدينية العليا المرتبطة بالمرشد الأعلى، هو المتصرف الأوحد في السياستين الداخلية والخارجية وهو القابض على تحركات المؤسسات العسكرية، الاستخباراتية، والبرلمانية؛ وبذلك يُفترض أن تكون الحكومة الإيرانية مسؤولة عن تصرفات جميع مؤسساتها في الداخل والخارج، وإن ادعت خلاف ذلك.
تنشط الحوزات الدينية الإيرانية في جمع أموال الخمس التي يُفترض أن تُدفع للفقراء والمساكين، فتُعيد توجيهها للجماعات الإرهابية النشطة في الدول العربية ومنها عصابة الحوثي، تحت غطاء المساعدات الإنسانية!.
هناك تنسيق منضبط بين الحوزات الدينية والاستخبارات الإيرانية ما يضمن تحقيق أهداف الثورة الإيرانية التوسعية في المنطقة.
يندر أن تدفع الأموال الإيرانية لفقرائهم في الداخل والخارج بل هي مخصصة لتحقيق أهداف الثورة، ودعم الموالين لها في المناطق العربية على وجه الخصوص.
يتهم وزير الخارجية اليمني، أبو بكر القربى، بعض الجماعات الخليجية الموالية لإيران بتمويل عصابة الحوثيين في اليمن.
يُعتقد أن ذلك التمويل ربما وصل عصابة الحوثيين، والجماعات الإرهابية الأخرى عن طريق الاستخبارات الإيرانية التي تستغل أموال الخمس لدعم الإرهاب في المناطق العربية.
ما تقوم به الحوزات الدينية، والاستخبارات الإيرانية من جمع الأموال وإعادة توجيهها للجماعات الإرهابية في المنطقة مشابه للدور الذي قامت به بعض الجمعيات الخيرية الموقوفة التي سمحت بتمرير أموال المحسنين لتنظيم القاعدة بداية نشأته.
ومثلما تحركت السلطات في دول الخليج لوقف استغلال أموال المحسنين في تمويل الإرهاب بات من الضروري الوقوف بحزم أمام تسرب أموال البر للحوزات الدينية في إيران، ومن ثم ليد الجماعات الإرهابية التي تشن حربا بلا هوادة على دولة الإسلام والدول الخليجية الأخرى.
تجفيف منابع التمويل هي أهم خطوات محاربة عصابة الحوثيين في اليمن، والجماعات الإرهابية الأخرى، بل ربما كانت الخطوة الرئيسة في الحرب على الإرهاب بملله المختلفة.
المال الإيراني لا يتوقف عند تمويل جماعات الإرهاب، بل يتجاوزه إلى تجنيد الأتباع وشراء الولاءات في الدول العربية.
تشير بعض المعلومات الاستخباراتية إلى أن الاستخبارات الإيرانية تقوم بدفع رواتب شهرية لأتباعها في المناطق العربية.
المال الإيراني (النظيف) الذي جُمِع من أموال وصدقات أتباع الحوزات العلمية، وحُرِمَ منه الفقراء والمساكين، نجح في تغيير قناعات بعض المفكرين الإسلاميين المحافظين، وبعض الإعلاميين العرب الذين شكلوا جبهة دفاع فكرية، وإعلامية عن النظام الإيراني في المنطقة، وساعد على زرع بذور الفتنة والشقاق في الدول الخليجية والعربية.
الأموال الإيرانية التي يأتي جزء منها من دول الخليج تستغل لتجنيد مرتزقة الإعلام، وبعض المحطات الفضائية لتبني وجهة النظر الإيرانية وتسويقها للعالم العربي.
تمويل الإعلام الثوري، ويدخل فيه المحطات الفضائية العربية التي تخصصت في إشعال الفتن، والقلاقل في المحيط العربي، وتأجيج الشعوب على حكامها خدمة لمخططات خارجية، أو ربما ترجمة لمراهقة إعلامية متأخرة.
تُشير القرائن المادية؛ وعلى رأسها ضبط سفينة إيرانية محملة بالأسلحة في طريقها للحوثيين، اعترافات قياديين من تنظيم القاعدة بتلقي التنظيم دعماً من إيران، قتل أفراد من الحرس الثوري في مناطق النزاع في اليمن، والحملة الإعلامية والدبلوماسية المستميتة المنافحة عن جماعة الحوثيين وتبرير اعتدائهم على الأراضي السعودية، وتصويرهم بالمُعتدى عليهم وهم المعتدون، التي يتولاها الإيرانيون وأعوانهم في العالم العربي؛ على أن النظام الإيراني منخرط في دعم وتمويل الجماعات الإرهابية التي زرعها في اليمن، وإن كانت تنتمي في الأصل لمحيطها الجغرافي؛ وبذلك يُعتقد أن إيران باتت الممول الرئيس لجماعة الحوثيين، وأنها مصدر بعض الأسلحة المتقدمة التي يستخدمونها في اعتداءاتهم على الأراضي السعودية، التي لا تتوافر، في الغالب، إلا للجيوش النظامية!.
نختم بتصريح رئيس البرلمان الإيراني علي لارجاني الذي ادعى فيه (بمهاجمة الطائرات السعودية المقاتلة اليمنيين العزل)؛ ونقول إن السعودية لم ولن تعتدي على أراضي الغير، ولن تهاجم أيا من اليمنيين العزل، ولن تقبل أن تكون في موقف الهجوم مهما كلف الأمر؛ والحقيقة أن السعودية كانت المستهدفة باقتحام الحوثيين حدودها وقتل جنودها، والتسبب في نزوح سكان أكثر من 240 قرية حدودية.
السعودية تقف موقف الدفاع عن أراضيها من غدر الحوثيين، ولو تراجع الحوثيون إلى العمق اليمني، وامتنعوا عن تهديد الحدود، لأوقفت السعودية حربها الدفاعية، ولما أطلقت رصاصة واحدة نحوهم، ولربما قامت بإغاثة سكان القرى اليمنية المتضررة وإعادة إعمارها.
* * *
F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM