Al Jazirah NewsPaper Tuesday  17/11/2009 G Issue 13564
الثلاثاء 29 ذو القعدة 1430   العدد  13564
المنشود
بورصة المشاعر
رقية سليمان الهويريني

 

في أحوال المحبة والمشاعر والصداقة والعلاقات الاجتماعية مثلما في بورصة الأسواق المالية، فكما أن هناك شركات مهمة تقود السوق وتؤثر على المؤشر، لأن إداراتها ناجحة ونتائجها المالية مجزية، فأنت تحرص على بقائها في المحفظة، تستلم أرباحها وترى تزايد قيمتها مع الأيام.

أيضاً هناك أشخاص لهم مكانة في حياتك يؤثرون في مسارها، ويغيرون في اتجاهها، وتزيد مع السنوات قيمة وجودهم في حياتك؛ فترى أسهم محبتهم تتكاثر، وأرباح تواجدهم تتضاعف، فهم مقيمون في قلبك دوما، ويسرون كالدم في عروق ذاكرتك ولا تفكر باستبدالهم لأنهم أشخاص ذهبيون كما الأسهم الذهبية!

وهناك أشخاص عابرون في حياتك ليس لهم قاعدة عاطفية، يظهرون فيها فجأة ويحدثون صخبا كما الشركات الخشاشية المضاربية تكسب منها كثيرا في وقت قصير، لكنك تحرص ألا تبات في محفظتك بعد الإغلاق حتى لا يفتتح السوق غدا وهي على النسبة الدنيا فقد تخسر رأس مالك برغم ربحك بالأمس! وهؤلاء عادة يدخلون في قائمة الانزواء بعد الظهور المفاجئ، فليس لديهم رصيد من العطاء.

ورغم ذلك تبوء محاولاتك بالفشل حين تفكر بالتخلص منهم أو نسيانهم، حتى ولو تسببوا مع مرور الوقت في ضياع أوقاتك، وازدحام مواعيدك، وُتظهر قوائمهم الفكرية أن الخسائر ما زالت تتوالى عليك فلا تعول عليهم كثيراً لأنك لا تجدهم إلا في أوقات الفكاهة والمرح، ولكنهم راحلون ببقاياهم كعابري السبيل! ولا تعجب حين يخطر بعضهم على بالك ليستعرض أمامك مساحة سذاجتك فيملؤك بالألم، ويفسد عليك متعة وقتك بل قد يفجر آبار ذاكرتك، ليغرقك باسترجاع ذكرياتك معه وبالمكاسب الوقتية الزائلة.

أما الشركات الخدمية فكما هم بعض الناس ممن حولك، تحتاج إليهم في قضاء شأن عام ولكنك لا تطيل البقاء كثيرا عندهم ولا يبقون كثيرا عندك فمكاسبهم قليلة ومؤونتهم أقل.

والبعض كشركات الاكتتاب، يأتي ليمنحك لحظة فرح قصيرة ويهب قلبك الحزين سعادة مؤقتة ويسقي بقطرات الفرح جفاف قلبك ويجعلك تعيش نزوة فرح سريعة ثم يرحل كما ترحل شركة الاكتتاب حين بيعها في أول يوم لتداولها!

وقلة من الناس كالشركات الموقوفة عن التداول يأتي على بالك ليذكّرك بعجزك عن نسيانه أو كراهيته، وضعفك عن استبداله بآخر لعدم وجود رصيد عاطفي كاف! فيجعلك تكره نفسك حين تتذكر ذات يوم أنك أحببته، وأنك ذات يوم كنت تتنفس وجوده، وأنك ذات ساعة حلمت أن يكون رمزا للعطاء والربح.

والبعض كالشركات الربوية يخطر على بالك، فيجعلك رغما عنك تبكي، وتعيش لحظات الحزن وهنيهات الانطواء، ويُقلق ضميرك، ويفسد عليك تفكيرك ويقلب أحاسيسك الهادئة إلى متقدة بالندم ويعكر صفو حياتك، ويطاردك كالوحش ويصرخ في وجهك ويذكرك بأنك ذات لحظة تجاهلت عقلك، وظلمت نفسك بلا رحمة حين تعرفت عليه فقادك إلى ما لا يتناسب مع هيبتك!

والبعض كقروض البنوك يأتي على بالك ليسرقك من عالمك، ويقتنص مستقبلك ويقتص من ادخارك ويأخذك إليه، ثم يعيدك إلى نفسك، بعد أن يجردك من فكرك وقدرتك على الوقوف من جديد!

ألسنا بحاجة لإعادة النظر في بورصة مشاعرنا، فلا نحتفظ منها إلا بالأسهم الذهبية؟!

rogaia143@hotmail.Com



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد