تمنيت لو أن عنترة بن شداد، هذا الفارس الأسطوري المعروف، تمكن من عبلة وتزوجها - أمنيتي بالمناسبة ليست تحيزاً للون - فالمسكين لبعد ثغر عبلة عنه، ود تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرها المبتسم، لأرى هذا (الخال) الذي نثر كلماته الولهانة المغموسة بكل أحاسيس العشق والهيام، كيف ستكون حاله وعبلة وهي تعرف أن الفارس قد سقط في حبال ثغرها، تسحبه من مجمع تجاري إلى آخر، لتصرف وتبعثر تحويشة عمره ولا تبقى له شيئاً ليزداد تحسراً على قيمه، وعلى عفافه عن جمع الغنائم في غزواته، فالمسألة كما كان يراها إثبات فروسية وكرامة وليست جمع غنائم أو البحث عن الأمور المادية، حتى أسقطه ثغر عبلته.
ولأرى هذا الفارس المقدام، الذي خرت له الجبابرة خوفاً وتقديراً، ماذا سيفعل وعبلة تقرعه على تأخره ومكوثه مع أصحابه وعلى إدمانه (البلوت)، ثم تتركه في سيارته بين النوم واليقظة إلى قبيل صلاة الفجر أمام إحدى قاعات الاحتفالات، وهو ينتظر أن تفرغ صديقاتها وولائمهن، وتمضي ما تبقى من وقت في تصفح الإنترنت والدردشة مع كل الناس؟ وهل ستبقى عبلة في عينه كما كانت وهو يصنع الكلمات الحالمة، ويرسل الآهات قبل أن يتزوجها؟ أم أنه سيخزن رقم هاتفها الجوال تحت مسمى (أم المعارك، قوانتنامو، السعلوة، وينك) إلى آخره من المسميات التي يبتدعها عناترة هذا الزمان؟ عبلة هذه التي شغف الفارس بها حباً، هل ستفهم هذا الحب أم ستستغله، لتزيد من مجوهراتها ورحلاتها إلى دبي، وتغيير سيارتها كل عام؟ وهل ستكفي عنترة ابتسامة ثغر عبلة المشعة، لتنسيه همومه ومشكلاته وهو يجاهد قروض البنوك المتأخرة أقساطها، والمتراكمة فوائدها، التي تحاصره من جمع مهرها وتلبية طلباتها التي لا تنتهي، لعلمها أنه يحب، والمحب ذليل؟ وكيف ستصرف عنترة وهو يحاصر من الجميع، ويمنع عن سل سيفه وغزو غيره ليزيد من دخله الشهري المتدني تحت مسميات (خارج عن القانون، قاطع طريق، إرهابي) أم أنه سيغير مسار غزواته ليتماشى وظروف هذا العصر؟ فيغزو تحت مسميات مألوفة (مرتشي، مداهن، مختلس، نصاب) وهل كنا سنسمعه وعبلة تختفي ابتسامتها المحفز السابق له، تحت ضغوط حياة لا تنتهي همومها، ومشكلات أولاد تشق مطاردتها، وظروف عمل لا تهتم بإنسانيتها، يقول لنا شعراً كالذي كان يقوله في معلقته؟ ليته تزوجها لنرى.. والله المستعان.
naderalkalbani@hotmail.com