Al Jazirah NewsPaper Tuesday  17/11/2009 G Issue 13564
الثلاثاء 29 ذو القعدة 1430   العدد  13564
همسة في إذن رجال المال والأعمال
د. عبدالله بن سعد العبيد

 

لقد كتبت في أكثر من مناسبة عن مفهوم المسؤولية الاجتماعية والذي يؤدي ضعف الوعي بأهمية العائد من الاستثمار فيه إلى تدني توجه المؤسسات والشركات العاملة بالمملكة للنظر إليه والعمل على تفعيله وتنميته. فمعلوم أن الشركات التي تستثمر في هذا الجانب تحقق أرباحاً وعوائد استثمارية لا يمكن تجاهلها

وما ابتعاد الشركات عن الاستثمار في هذا الجانب إلا نوع من انعدام الرؤية حول الفائدة المنتظرة منه إضافة إلى قلة الوعي بالمفهوم العام للاستثمار في المسؤولية الاجتماعية إلى جانب الخلط الموجود بين العمل الخيري والمسؤولية الاجتماعية، فضلاً عن عدم إفراد ميزانيات مستقلة لأنشطة الشركات والمؤسسات في هذا الجانب وإبقاء ما يتم صرفه على الاستثمار في المسؤولية الاجتماعية ضمن ميزانيات التسويق أو العلاقات العامة، الأمر الذي أضعف المخرجات المتوقعة وأطّرها ضمن مفهوم العائد التسويقي، فقد تم اختزال مفهوم المسؤولية الاجتماعية فيما تصرفه بعض الشركات التي لديها حراك محدود في هذا الجانب ضمن تبرعات نقدية معينة على هيئة رعاية أنشطة حكومية وخاصة محدودة تظل تتمحور في فلك العلاقات العامة ومفاهيم التسويق في الوقت الذي يجب أن يعي القائمون على تلك الشركات ضرورة فصل أنشطتها فيما يخص العلاقات العامة والتسويق، وتبنيها مفهوم المسؤولية الاحتماعية الذي يجب أن يشمل اهتمامها بحقوق العاملين لديها ومراعاتها لهم ولحقوقهم وللنواحي الصحية والبيئية والتزامها بالأنظمة والقوانين المتبعة والمنافسة العادلة والبعد عن الاحتكار وعن الفساد المالي والأخلاقي واستمرار اهتمامها بالمستهلك والعمل على المساهمة في تطوير المجتمع واتخاذ مبدأ الشفافية في الإعلان عن أنشطتها الموجهة للمسؤولية الاجتماعية. وهو ما يعكسه مفهوم المسؤولية الاحتماعية بحسب تعريف البنك الدولي لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات على أنها التزام أصحاب النشاطات التجارية بالإسهام في التنمية المستدامة (والتي عرفها مجلس الأعمال العالمي بأنها النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي وحماية البيئة) من خلال العمل مع المجتمع المحلي بهدف تحسين مستوى معيشة الناس بأسلوب يخدم الاقتصاد ويخدم التنمية في آن واحد.

إن زيادة وعي الشركات والقطاع الخاص بشكل عام بأهمية المسؤولية الاجتماعية يعود عليها بكثير من النواحي الإيجابية، فلا يمكن أن ينكر أحد أن هدف رأس المال العامل هو التنامي والزيادة وأن تكريس مفهوم المسؤولية الاجتماعية يساعد بشكل مباشر في تحقيق ذلك من خلال وضع إستراتيجية واضحة وشفافة ومعلنة ومستقلة، الأمر الذي سيساهم في خفض تكاليف التشغيل وزيادة الإيرادات وتعزيز جودة المنتجات بما يحقق معدلات نمو متنامية.

ومع زيادة وعي الشركات والمؤسسات بأهمية المسؤولية الاجتماعية وما توفره من بيئة عمل مناسبة لزيادة مداخيل تلك الشركات والمؤسسات والتي منّ الله عليها بالأعمال الوفيرة التي جنت ولا زالت تجني منها خيراً كثيراً على أرض هذه البلاد المباركة، يزداد بلا شك الجهد المعنوي والمادي المطلوب للمساهمة في بناء حضارة الإنسان والمؤسسات التي تعنى بخدمة المواطن على اختلاف أنواعها. فقد شهدنا ولا زلنا ولله الحمد والمنة كثير من رجال الأعمال ممن منّ الله عليهم بخير كثير يؤمنون بأن ما يقدمونه من تبرعات سواءً على شكل هبات مالية تساعد في إنشاء مشاريع معينة تخدم المواطن أو على شكل تبرع مستقل وكامل لإنشاء تلك المشاريع التي يحتاجها المواطن سواءً ذلك المواطن الذي يعمل لدى رجل الأعمال المتبرع أو المواطن العادي.

إن المشاريع التنموية الخدمية الكثيرة التي تقدمها الدولة اليوم لا يمكن نكران حاجة البلاد لها لكنها في غالبيتها مشاريع قد تكفي اليوم حاجات المواطنين والمقيمين ولكنها بالضرورة لن تكون كذلك في قادم الأيام بالنظر لحجم النمو السكني المتسارع للمملكة وأيضاً للتوزيع المناطقي من الكثافة السكانية والشرائحي للأعمار.

كما أن هناك كثيراً من رجال الأعمال كما ذكرت آنفاً ممن لم يبخلوا على هذه البلاد والتي لم تبخل عليهم منذ أن كانوا صغاراً في تجارتهم وفي أرصدتهم، هناك عدد كبير من رجال الأعمال الذين لم نسمع يوماً عن تبرعهم بمشروع تنموي أو خدمي معين ولا حتى للمنطقة التي وُلد فيها ولا تلك التي نمت تجارته فيها وازدهرت على أرضها.

لهم ولغيرهم أقول أحبوا بلدكم التي منت عليكم بالخير الوفير بكل حبة من قلوبكم وليكن همكم بها فوق كل هم. ومحبتها فوق كل محبة. فإذا أحببتموها سهل عليكم ما تلقونه في سبيلها من متاعب ومشقات، وسهلت عليكم التضحيات كما والأهم، سهل عليكم حصد المزيد من الخير الذي لم تبخل هي عليكم به. إلى لقاء قادم إن كتب الله.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد