تأليف: محمد بن سعود الحمد
|
تقريظ: محمد بن ناصر العبودي
|
موسوعة الرحلات: اسم على مسمى، وربما كان الاسم أصغر من حقيقة المسمى، فالكتاب عنوانه (موسوعة الرحلات العربية والمُعَرّبة المخطوطة والمطبوعة): معجم بيبلوغرافي.
|
وهذا صحيح إلا أن في النفس شيئاً من ذكر هذه اللفظة الأعجمية في هذا الخضم الضخم من المعارف العربية أو المعرّبة، ولو أبدلها المؤلف الكريم بمصطلح كان معروفاً في التراث العربي القديم وهو (فهرس) لكان أفصح لأنها وإن كانت أعجمية الأصل بلفظ (فهرست)، فقد حُوّرت بالعربية لتكون وفق القوالب العربية إلى لفظ (فهرس).
|
والمراد به هو المراد من هذا الكتاب؛ لأن ابن النديم صنف كتابه (الفهرست) لبيان الكتب المؤلفة في سائر الفنون المعروفة في زمنه. أما مؤلف الكتاب فهو الأستاذ الباحث النشط (محمد بن سعود الحمد) ولفظ (الحمد) في أسرته يشعرك بأنه (زلفي) أو (زلفاوي) الأصل؛ لأن تسمية الأسر بأسماء الأفراد شائعة هناك.
|
أما الكتاب فإنه يستحق التنويه به، ومؤلفه يستحق الثناء على عمله، بل لا يكفي الثناء كفايةً لعمله فهو أحيا البحث العربي القديم بتأليفه هذا الكتاب الذي أعاد إلى ذهني ما صنعه ابن النديم في كتابه الفهرست، غير أن ابن النديم جعل كتابه فهرساً عاماً لجميع الكتب التي عرفها في جميع الفنون، والأستاذ (محمد بن سعود الحمد) خصص كتابه في ذكر كتب الرحلات.
|
وكل من عانى البحث عن الكتب المتعلقة بموضوع من الموضوعات يدرك ما بذله المؤلف من جهد وأنفق من مال من أجل أن يخرج كتابه على هذه الصفة الفريدة من الإحاطة والشمول بموضوع كتب الرحلات.
|
وربّما لا يعرف بعض الناس أن المؤلف الكريم رحل إلى بلدان عديدة لأجل الاطلاع على أسماء الكتب في فهارس خزائن الكتب فيها، بل إنه رحل إلى الجهات الأربع من شمال وجنوب وشرق وغرب وإلى ما بينها.
|
وهذا أمر قليل الحدوث، بل نادر الوجود أن يرحل الشخص بنفسه ومن ماله وهو من سائر الناس فيما يتعلق بالمال بمعنى أنه ليس من الأثرياء المشهورين إلى البلدان البعيدة ويزور المكتبات العالمية من أجل أن يستكمل بحثه الذي ضمنه هذا الكتاب (موسوعة الرحلات). طبع الكتاب طبعته الأولى هذه التي بين أيدينا في 518 صفحة وذلك في مطبعة الفاروق الحديثة في القاهرة.
|
لقد بدأ المؤلف الكريم الأستاذ (محمد بن سعود الحمد) كتابه بالإهداء، وهو إهداء عاطفي يدل على مدى حبه لأسرته وتعلقه بها، ونصه:
|
|
إلى عائلتي الكبيرة: الوالدين الكريمين رعاهما الله بعينه التي لا تنام، ومتعنا بهما على مدى الأيام. وإلى أسرتي الصغيرة.. رفيقة الدرب والكفاح.. وإلى إنجالي.. زينة الحياة الدنيا، هلا ودلال وسعود، جعلهم الله قرة أعين وأحيا الجميع حياة سعيدة مديدة بالهناء والرخاء.
|
والله ما طلبت أهواؤنا بدلاً
|
منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا
|
ثم بدأ بمقدمة الكتاب، وهي مقدمة ضافية مفصلة تكاد تكون استعراضاً لكل ما يتعلق بالرحلات فمن عناوينها الداخلية:
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
ثم أتى بعنوان أشمل وهو: إنها الرحلة وكان من بين ما قاله فيه:
|
|
ذلك الهوى الرائع، والفعل المؤثر، والفيض الغامر، والوعد الجميل، وسحر المعرفة، والبحر الذي لا يمل الإنسان من السباحة فيه، والخروج منه في صورة أخرى متألقاً ومقبلاً على الحياة، مشحون العقل والقلب، محملاً بالفكر والمشاعر، معانقاً للطبيعة وقد ألقى في روعة الكثير من عنفوانها، وامتلأ وجدانه بما فيها من جمال ومحبة وسلام، ورغبة عميقة في العطاء والإبداع.
|
وقد قيل عنها الكثير نثراً وشعراً، يكفي أن نتذكر قول أبي تمام الطائي:
|
وطول مقام المرء في الحي مُخْلِقٌ |
لديباجتيه فاغترب تتجدد |
فإني رأيتُ الشمس زيدت محبةً |
إلى الناس أن ليست عليهم بسرمد |
ولله درُّ الإمام الشافعي حينما قال:
|
سافر تجد عوضاً عمّن تفارقه |
وانصبْ فإن لذيذ العيش في النصب |
إني رأيت وقوف الماء يفسده |
إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب |
والأُسد لو لا فراق الغاب ما افترست |
والنّبل لو لا فراق القوس لم يصب |
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة |
لملّها الناس من عجم ومن عرب |
والتبرُ كالتُرب مُلقى في أماكنه |
والعود في أرضه نوع من الحطب |
وما أجمل ما قاله الطُّغرائي في لاميته:
|
إن العُلا حدثتني وهي صادقة |
فيما تحدث أن العزّ في النقل |
لو أن في شرف المأوى بلوغ منى |
لم تبلغ الشمس يوماً دارة الحمل |
فلا غرو إذن أن تكون الرحلة جامعة تحفل بالتجارب والعبر، وتحتشد بأنواع المنافع، ومنجماً ضخماً مليئاً بالعلم والمعرفة، فالسفر يشحذ العقل والوجدان، ويزيد في الفهم وسعة الأفق، ويصقل الشخصية بفضل قساوة التجربة، وحرارة المواقف، ورهبة المغامرة، وطلعة الجديد في كل شأن، وتحمل مشاق الغربة والسفر، والاطلاع على الطبائع المختلفة، والاعتياد على الغريب، والتمرس بمعاملته.
|
أما التدرب على استعمال مفاتيح اللغة الجديدة، فهو المعين على كشف حجب المجهول من الأقوال والأحوال.
|
ولم يعْدُ الكتاب الفرنسي سافاري الحقيقة، عندما قال (إن الرحلة أكثر المدارس تثقيفاً للإنسان).
|
على أن ثمار الرحلة لا تتوقف عند التعارف، أو صقل الشخصية أو كشف المجهول من طبائع الشعوب، لكنها تجود بالمكاسب العلمية والأدبية التي قد تتعذر الإحاطة بها، خاصة إذا كان الرحالة متمتعاً بقوة الملاحظة وشهوة التطلع ويقظة الحواس، وحب المحاورة والرغبة في التحصيل والحرص على التدوين والتسجيل.
|
|
(في الأسفار سبع فوائد) فإني أرى أن الفوائد تتأبى على الحصر، ولا أبالغ إذا قلت:
|
إن كل ما حدث من تطور على الأرض، قبل أن ينسب للعلماء والمخترعين، كان نتيجة طبيعية وحتمية للارتحال واكتشاف المجهول، وتبادل المعارف وتجديد الرؤى.
|
|
ثم عاد المؤلف الكريم إلى العناوين في المقدمة فكان أولها بعد ذلك:
|
|
|
|