أبدى بعض المتابعين والمهتمين بالشأن العام، وبما يطرح في الصحف ومواقع الإنترنت أسفهم وامتعاضهم الشديد مما قامت به الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين (نقاء) من نشر شعار جديد بهدف الإقلاع عن التدخين تحت عبارة (تنفس بنقاء) تظهر فيه صور سجائر على مساحة كاملة للوحة إعلان في الطرق الرئيسة والشوارع العامة، وبكامل صفحة في جميع الصحف المحلية وكأنه دعاية مجانية لهذا البلاء بدلاً من أن يكون دعاية ضده ومحاربة له!

ففي الوقت الذي لا يشكك فيه أحد بالمقصد الطيب لدى الجمعية - وفقها الله - إلا أن عرض صورة سيجارة وبهذا الحجم مع الاكتفاء بعبارة (تنفس بنقاء) ما هو إلا هدر مادي وجهل بنوعية اختيار الإعلان الموجه! حيث يذكر بعض المراهقين ممن وقعوا في شرك التدخين أن دعايات التدخين كانت أحد أسباب وقوعهم فيه. ومشاهدتهم لصور السجائر وهم في سن مبكرة هو ما أدى بهم إلى اختبار اللذة وتجربة المتعة. وحبذا لو استعانت الجمعية ببعض الخبراء والأطباء المختصين وعلماء النفس والاجتماع، والمصابين بالأمراض الصدرية لإعداد إعلانات مناسبة وبشكل مستمر تشتمل على عرض لأضرار التدخين وإظهار نتائجه على رئة مهترئة، وجسد هزيل.

وقد اطلعت على إعلان هادف يظهر نفاضة السجائر (الطفاية) على شكل رئة مفتتة ومقززة، فكلما نفض المدخن رماد سيجارته فيها أصابه الاشمئزاز والغثيان. والأجدى لو استناروا بهذا الإعلان التحذيري، واستعانوا ببراءة الأطفال بحيث يظهرون وهم يحذرون آباءهم أو يدعونهم لترك الدخان؛ لأنهم يحبونهم ويخافون على صحتهم. وفي ذلك وقع كبير في النفس لتأثيرهم على القلوب.

وما لم يطبق القرار الملكي بمنع التدخين في الأماكن العامة؛ فإنه سيظل أمراً مؤرقاً. كما لابد أن تسعى (جمعية نقاء) إلى التحرك السريع لحسم هذا القرار ومتابعة تطبيقه من أجل خفض معدل انتشار تعاطي التبغ والتعرض لدخانه. وضرورة مكافحته كسياسة محلية وإقليمية ودولية للمملكة في مجال الصحة العامة، نظراً لمكانتها الدولية وريادتها الإسلامية، والتفعيل الفوري لالتزامها بالاتفاقية التي تهدف لحماية الصحة العامة من أخطار التدخين، واستخدامات التبغ المختلفة، كما تهدف لحماية الأجيال الحالية والمقبلة من العواقب الصحية والاجتماعية والبيئية والاقتصادية المدمرة الناجمة عن التدخين. وأهمية متابعة إجراءات إصدار نظام شامل لمكافحة التدخين في الأماكن العامة، خصوصاً وأن شكل المدخن بات مقززاً، ومنفراً وكريهاً!

وأرجو من الجمعية ترك الاجتهادات الشخصية التي تثير الحنق، وتجلب الغضب، مثلما قامت به مؤخراً حين عمدت لإطلاق مقايضات سخيفة بترك الدخان مقابل عروس! فقد ساءت هذه المقايضة الكثير من الناس وجرحت مشاعر الفتيات وأسرهن.

وذكّرتنا تلك المقايضات بأساليب القاعدة ودفع الإرهابيين للتفجيرات، حين يعدهم زعماؤها - وهم عاجزون - بالحور العين. وهذه المكافآت ربانية، قصر على الرحمن، يهبها يوم القيامة لمن شاء من عباده الصالحين. ولم تكتف الجمعية بذلك بل أتبعتها بالدعوة لترك التدخين مقابل أداء فريضة الحج حتى لمن أداها قريباً، وقد لا يكون جاداً في الإقلاع. ونأمل أن تقوم جمعية نقاء بدورها التوعوي بعيداً عن الاندفاعات، والاجتهادات الشخصية، والوعود البراقة، لتكون أكثر صدقاً وشفافية و... نقاء!!