وبدأت تتكشف الحقائق، وأخذت (فوبيا إنفلونزا اتش1 ان 1) تخفت قليلاً، وبعد الأرقام المفزعة التي كانت تحذر من ضحايا هذا الفيروس الذي اقترن اسمه بأقذر الحيوانات، فقد حذر العلماء من وفاة خمسة وستين ألف إنسان في بريطانيا وحدها في أكتوبر الماضي.. مر أكتوبر ولم يتوفَّ من الإنجليز أقل من ألف وهو أعلى معدل وفيات في أوروبا من جراء هذا الفيروس، وفي فرنسا لم يتوفَّ إلا ثلاثون شخصاً فقط.
إذن تلك الضجة التي ولدتها تضخيم وتهويل المرض الذي يصيب الإنسان بعد أن يتعرض لفيروس اتش 1 ان 1 المنتقل من حيوان الخنزير ومع أن المرض فعلاً، مرض قاتل ويؤدي إلى الوفاة ان لم يجد العلاج والرعاية الطبية والراحة، وان عدداً من الأشخاص قد ذهبوا ضحايا للإصابة بفيروس المرض لأنهم لم يجدوا العلاج والاهتمام إلا أنه في الوقت نفسه لا يعدو أن يكون مرضاً مثل غيره من الأمراض التي تواجه باللقاحات والتطعيم والعلاج بل إن أمراضاً أخرى أكثر فتكاً بل إن المرض الشائع (الإنفلونزا الموسمية) وهو المرض الذي يعانيه الكثيرون وخصوصاً أثناء تبدل الفصول والذي يطلق عليه كثير من الشعوب العربية مرض البرد يعد أخطر من نسله مرض إنفلونزا الخنازير فالمرض الأم الإنفلونزا الموسمية تصيب مئات الآلاف من المرضى وتذكر إحصاءات أوروبية أن 20 في المئة من السكان في المتوسط في العالم.
إذن ما الذي أرعب العالم ونشر فوبيا إنفلونزا الخنازير وجعل الشعوب والدول تتحالف لصد عدوان هذا الفيروس الحيواني..؟
الاتهام موجه إلى شركات الأدوية ومراكز الأبحاث التي أرعبت العالم وخوفت الجميع للحصول على أموال لتمويل الأبحاث ولكسب الأموال خصوصاً بالنسبة إلى شركات الأدوية التي حسنت موازينها وعدلت أوضاعها وتجاوزت خسائرها خصوصاً في الوضع الحالي الذي يعانيه الجميع من الضائقة المالية.. وبالتالي كسبت شركات الأدوية الأموال
ولا تزال قوائم الانتظار لدى هذه الشركات تضم دولاً عديدة تطلب لقاحاتٍ وتطعيماً وأدويةً للمرض.. كما تلقت مراكز الأبحاث الأموال الضخمة لتمويل الدراسات لمواجهة الفيروسات القاتلة.. أما الحقيقة فلا تزال هي الضحية الأكثر تضرراً في هذه التجربة التي مرت بها كل شعوب العالم ولا تزال تعانيها.. فالمرض والفيروس إن لم يكونا مدمرين إلا أنهما قاتلان إن لم يجدا العلاج والاحتراز.