القاهرة - (رويترز)
يرصد الفيلم التونسي (الدواحة) الذي عرض مساء الخميس الماضي في مهرجان القاهرة السينمائي مصائر أم وابنتيها يعشن في قبو منزل كبير مهجور وتنقطع علاقتهن بالعالم إلا من زيارات قصيرة إلى المدينة.. وعندما تكتشف الابنة الصغرى كيف يعيش الآخرون تصاب بصدمة وتقتل أمها وشقيقتها.
والفيلم الذي كتبته وأخرجته رجاء عماري كأنه أقرب إلى كابوس خارج من عالم الروائي التشيكي فرانز كافكا (1883- 1924) حيث يبدو المنزل المهجور كأنه سجن أو قلعة تحيط بها حديقة هي كل عالم الأم وابنتيها اللاتي تنقطع علاقتهن بالعالم إلا حين يزرن المدينة بشكل خاطف لبيع أشغال منزلية قمن بحياكتها.
لكن المدينة تأتي إليهن وتقتحم عزلتهن حين تحضر الشابة سلمى (الممثلة ريم البنا) مع صديقها علي الذي ينتمي للأسرة صاحبة القصر ثم يخرجان فتصعد الابنة الصغرى عائشة (الممثلة حفيظة حرزي) وهي في مرحلة بين الصبا والمراهقة إلى الطابق الأعلى وتعبث بملابس سلمى وتكسر كعب حذائها وسلمى تلاحظ الأمر حين تعود وتصاب بالدهشة لأن المنزل مهجور ثم يلقي الشاب بمخلفات منها الحذاء ذو الكعب المكسور من الشرفة.
وفي الليل تسللت عائشة إلى إحدى الغرف وتراهما معاً وتمد يدها وتكاد تلمس الشاب لأنها لا تفهم ما يحدث وقبل أن ينتبها إليها تهبط عائدة إلى القبو. ثم تسمع النسوة الثلاث صخبا وتصعد عائشة إلى حفل راقص نظمه الشاب وصديقته في القصر وتتجول بملابسها الرثة وبحركات همجية بين الحضور المنشغلين عنها وتتوقف أمام علي وسلمى قائلة "أنا أعرفكم" في إشارة إلى رؤيتها لهما في الغرفة.
ولا يباليان بها ويعطيانها عصيراً ترتشف منه رشفة ثم تتقيأ وترى سلمى حذاءها في قدمي عائشة التي تسارع هاربة إلى القبو ولا تستطيع سلمى اللحاق بها ولكن الأم تتشمم فم عائشة ورائحته تفوح وتضربها وتساعدها ابنتها الكبرى راضية (الممثلة سندس بلحسن) في شل حركة عائشة ليتأكد لهما أنها ما زالت بكرا ولم يمسها أحد من حضور الحفل.
وتحاول الأخت الكبرى تطييب خاطر عائشة وتسألها عن الحفل فتعيد عليها مشهد بين الشابين بشكل تصويري (مثلي) فتنهرها أختها التي تقيدها في الصباح بالحبال قبل الذهاب إلى المدينة.
ويغادر الشاب القصر في الصباح تاركا سلمى التي تكتشف من إحدى النوافذ أن في داخل القبو صبية مقيدة فتقتحم عليها المكان وتحاول فك قيودها في لحظة وصول الأخت والأم وتصبح سلمى رهينة القبو.
وتتباين العلاقة بين سلمى والنساء مرة بالقسوة حين تحاول الهرب ومرة بالتصالح حين تحكي الأم (الممثلة وسيلة داري) كلاما مبتورا عن علاقة بصاحب القصر وكيف انتهى بها الأمر إلى هذا القاع أما عائشة فتقول لسلمى بعد أن تعلمها كيف تكتب اسمها (أحب أن أمشي من هنا معك). وفي ليلة ممطرة تحاول سلمى الهرب فتفاجئها راضية في الحديقة وتمنعها فتصرخ سلمى وتفيق عائشة من النوم وترجح أن أختها قتلت سلمى. وفي الصباح ترتدي عائشة ثوبا أبيض وتخنق أمها بوسادة ثم تذهب إلى الحمام وتزيل شعرها بشفرة حلاقة تستخدمها في اللقطة التالية في قتل أختها.
ويصور المشهد الأخير عائشة وهي تسير لأول مرة في شارع العاصمة الواسع وهي مرتدية الثوب الأبيض الملوث بدم شقيقتها غير مبالية بنظرات الدهشة التي تحيط بها.
و(الدواحة) تعني أغنية المهد للأطفال. والفيلم الذي يبلغ طوله 90 دقيقة يشارك في مسابقة الأفلام العربية الروائية الطويلة بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي افتتحت دورته الثالثة والثلاثون الثلاثاء الماضي.
ويشارك في هذا القسم 11 فيلما هي (أمريكا) للفلسطينية شرين دعيبس و(المر والرمان) للفلسطينية نجوى نجار ومن المغرب (موسم المشاوشة) لمحمد بن سعودة و (فينك اليام) لدريس شويكا ومن الجزائر (رحلة إلى الجزائر) لعبد الكريم بهلول ومن سوريا (الليل الطويل) لحاتم علي ومن مصر (عصافير النيل) لمجدي أحمد علي و (هليوبوليس) لأحمد عبد الله ومن تونس (ثلاثون) للفاضل الجزيري و(سفرة يا محلاها) لخالد غربال إضافة إلى (الدواحة) الذي جاء في دليل المهرجان بعنوان (أسرار دفينة).
ويستمر المهرجان 11 يوماً ويشارك فيه 150 فيلماً تمثل 67 دولة.