نيويورك - واس
أكدت المملكة العربية السعودية أن مبدأ سيادة ووحدة أراضي الدول واستقلالها السياسي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لها هو الضمانة الأكيدة لحماية أرواح المدنيين الذين عادة ما يشكلون الأغلبية الكبرى من الخسائر البشرية أثناء النزاعات.
وأوضح مندوب المملكة الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة السفير خالد بن عبد الرزاق النفيسي في كلمة المملكة العربية السعودية التي ألقاها يوم أمس أمام جلسة مجلس الأمن الدولي الخاصة بمناقشة قضية حماية المدنيين في النزاعات المسلحة أن تلك القضية أصبحت قضية مهمة على جدول أعمال مجلس الأمن نظرا لأبعادها السياسية لكونها تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين ولأبعادها القانونية لأنها تعد انتهاكا للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي أثناء النزاعات المسلحة بالإضافة إلى أبعادها الإنسانية والاقتصادية التي تتمثل في التشريد القسري للمدنيين وما يتبع ذلك من بؤس ومهانة بتحولهم بين يوم وليلة إلى لاجئين ومشردين سواء داخليا أو خارجيا.
وقال: (إن على أعضاء مجلس الأمن الدولي أخذ آراء الدول الأخرى من غير الأعضاء في المجلس بعين الاعتبار أثناء مناقشة القرارات أو أي وثائق تصدر عن المجلس لأن حضور تلك الدول للمناقشات ليس فقط للجلوس إلى طاولة المجلس والإدلاء ببيان والاستماع إلى عشرات البيانات الأخرى ثم تبادل المجاملات خاصة وأن أخذ تلك الآراء بعين الاعتبار سيدعم مصداقية وكفاءة عمل المجلس ويزيد من الانفتاح والشفافية في عمله ويمنحه الاحترام والتقدير).
وأضاف: (إنه ليس من سبيل لتحقيق ذلك أيضا سوى بتوفر إرادة سياسية وعزم أكيد ورغبة صادقة من دول المجلس وخاصة الدول الخمس دائمة العضوية التي تتحمل المسئولية الأساسية لتحقيق تطلعات الدول الأعضاء وكافة الشعوب من دون استثناء أو تفضيل أو تمييز بين الدول).
وأعرب السفير النفيسي عن الشعور بالإحباط رغم الترحيب بقرار الجمعية العامة 64-10 بشأن اعتماد تقرير غولدستون بخصوص قطاع غزة بسبب مواقف بعض الدول ومنها دول أعضاء في مجلس الأمن، وقال: (كيف يمكن فهم أن تنادي تلك الدول في بياناتها بأهمية حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة في الوقت نفسه الذي تصوت فيه ضد قرار يسعى لحماية أولئك المدنيين؟).
وتساءل هل نفهم من ذلك أن المدنيين يختلفون من بلد إلى آخر؟ أم نفهم أن المسؤولية الأخلاقية والقانونية تختلف باختلاف الأعراق والأمم؟ لان هناك من يقول نحن نسعى لحماية المدنيين بأشكال مختلفة وصور متعددة ولكن لا نريد مناقشة مثل هذه القضايا في مجلس الأمن الأمر الذي يعد مثالا حيا على ازدواجية المعايير في كيفية التعاطي والتعامل مع نفس القضايا داخل مجلس الأمن وخارجه.
وأضاف: (إن الساحة الدولية يسودها اليوم العديد من الأزمات وبؤر النزاعات التي تأخذ أشكالاً وخصائص مختلفة وتختلف أهدافها باختلاف مناطق التوتر والنزاع الأمر الذي يضع الجميع أمام واقع متأزم يفرض تعاطيا مختلفا من قبل الأمم المتحدة بأجهزتها المختلفة وبخاصة مجلس الأمن لأن سياسة ردود الفعل للمنظمة الدولية يجب أن تتغير إلى سياسة المبادرة وتكريس مبادئ العدالة وإشاعة ثقافات سامية كثقافة المسؤولية وثقافة الحد من سياسة الإفلات من العقاب).
وأوضح السفير النفيسي أن نقاش مسألة حماية المدنيين يجب إلا يقتصر تداولها في مجلس الأمن بل وكذلك أثناء مناقشة سياسات واستراتيجيات العديد من إدارات وأجهزة الأمم المتحدة كإدارة الدعم الميداني ولجنة بناء السلام وبعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام والإدارة الإعلامية وغيرها من الأجهزة كما أنه لابد من إدراج أنشطة الحماية المدنية وتحسينها ضمن أولويات تلك الأجهزة والإدارات.
وأشار إلى أن أدوات حماية المدنيين عديدة فقيام مجلس الأمن بواجبه وبمنتهى الشفافية أداة مهمة لحفظ وصون كرامة وأرواح المدنيين وإرسال بعثات لتقصي الحقائق أداة قوية لمنع تكرار تلك الانتهاكات كما أن إرسال لجان تحقيق لفحص الحالات بشأن انتهاكات القانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان وتحديد المسؤولين عن الانتهاكات وملاحقتهم قضائيا على الصعيدين الوطني والدولي يرسل رسالة قوية لأطراف النزاع بان حماية المدنيين تأتي في أولويات أهداف الأمم المتحدة.
وأوضح أن بعثة القاضي غولدستون إلى غزة كانت محددة الولاية والهدف وجاء تقريرها ليثبت أنه كانت هناك انتهاكات صارخة للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي أسفرت عن مقتل 1420هـ فلسطينيا من بينهم 1170 مدنيا.
وتساءل السفير النفيسي عن الحال كيف سيكون لو أن تلك اللجنة أنشئت منذ أكثر من أربعين عاما وتمكنت من القيام بواجباتها في التحقيق حول الممارسات الإسرائيلية منذ ذلك الوقت؟ وكيف سيكون تقريرها لو استطاعت القيام بولايتها ؟وماذا كان سيتضمن على مدى أربعين عاما من الفظاعات والأهوال؟.
واختتم كلمته مجيبا على تلك التساؤلات بقوله: (لاشك بأن تقرير اللجنة سيكون مؤلما ومحزنا لنا ومخزيا لإسرائيل).