سيطرت على المتداولين الأسبوع الماضي حالة من القلق والتشاؤم نتيجة الخوف من عودة المسار الهابط، وظهر نوع من التباين الشديد بين توقعات المحللين حول إلى أين يسير المؤشر.. وقد تسبب هذا القلق في ضعف حجم السيولة المتداولة في السوق التي أصبحت تسجل تراجعا تلو الآخر منذ شهر تقريبا، فقد انخفض حجم السيولة الأسبوعية من 32.9 مليار ريال منذ ثلاثة أسابيع إلى 28 مليار ريال منذ أسبوعين إلى 26.2 مليار ريال منذ أسبوع مضى، حتى وصلت إلى حوالي 24.9 مليار ريال هذا الأسبوع.. ورغم كل هذا التراجع في السيولة المتداولة، فإن أداء المؤشر خلال الشهر الأخير لم يسجل تراجعا بمعدلات كبيرة تبرر كل هذا الخوف.. ولعل تباين التحليل الفني (رغم ميله إلى ترجيح حدوث هبوط) يعتبر هو السبب في الخوف التي يسود السوق..
خلال أسبوعين.. انحسار معدلات تذبذب الأسهم..
رغم حالة الخوف والقلق السائدة ورغم أن البعض يعتبر المؤشر قد دخل في مسار هابط منذ أسبوعين، إلا إن أداء السوق ككل يوضح أن غالبية الأسهم سارت في مسار تذبذبي ضيق، بحيث أن نسبة 90% من الأسهم المتداولة في السوق لم تزد درجة ربحيتها أو خسارتها عن 5%، وبالتالي فإنه رغم معاناة السوق من حالة ركود في السيولة المتداولة، إلا إنه لا يزال يسير داخل النطاق الضيق الصاعد الذي يسير فيه منذ شهرين، حيث أنه لا يزال رابحا نحو 9.5% على مدى الشهرين الأخيرين.
التجميع المخيف والتصريف الناعم..
يمر على السوق فترات يخضع فيها إلى تجميع، وللأسف في الغالب لا يدرك المتداولون هذا التجميع إلا بعد فوات الأوان لأن التجميع لا يحدث إلا في ظل حالة من الترويع والإيهام بأن مؤشر السوق يوشك أن يدخل في مسار هابط.. وبالتالي يقوم كبار المضاربين (المستحوذين) بالتجميع في ظل جو يسوده الخوف والقلق لدفع صغار المتداولين بالخوف للتخلي عن أسهمهم وتقديمها بأرخص الأسعار لكبار المتداولين.. على النقيض فإن التصريف غالبا ما يتم بنعومة ولطف لدرجة أنه في كثير من حالات التصريف يدفع كبار المضاربين صغار المتداولين بالسوق للدخول والشراء بعنف في أسهم يقومون هم ببيعها بأعلى الأسعار.. ولكن السؤال من يساعد هؤلاء في هذا التجميع المروع أو التصريف الناعم.. في اعتقادي أن المنتديات ووسائل الإعلام تساعد كبار المضاربين بشدة في إحراز ما يستهدفونه، وإن كانت بعض المنتديات تفعل ذلك بقصد وسوء نية أحيانا، فإن وسائل الإعلام تفعله بدون قصد.
الأسماك وإنعام تشاركان بنسبة 8.5% في سيولة السوق..
معظم القطاعات سجلت خلال هذا الأسبوع ارتفاعا في سيولة البيع على سيولة الشراء، بحيث جاء صافي نسبة الشراء اقل عن 50% لغالبية القطاعات، باستثناء القطاع الزراعي والصناعات الغذائية الذي سجل نسبة تزيد قليلا عن 50%، ويعود ذلك إلى النشاط الحثيث لسهمي الأسماك وإنعام اللذين جاء ضمن أعلى خمسة أسهم من حيث الربحية والنشاط هذا الأسبوع.
الصفقات الكبرى تتم خلال العشر دقائق الأولي
من الأمور التي تم ملاحظتها هذا الأسبوع وبرزت يوم الثلاثاء الماضي، أن الدقائق العشر الأولى للتداول شهدت إتمام عشرات الصفقات الكبيرة والتي تزيد عن 200 ألف سهم على مستوى العديد من الأسهم.. وقد لوحظ أن عدد من هذه الصفقات تتم خلال الدقائق الثلاث الأولى أي حتى قبل أن يستقر المؤشر أو يتعرف المتداولون على لونه الحقيقي.
من يصنع سهم الإنماء؟
يوم الثلاثاء الماضي لوحظت أمور مثيرة للدهشة على سهم الإنماء، حيث أبرمت العديد من الصفقات ذات الحجم الكبير وخلال فترات متقاربة من يوم التداول.. فقد تم عدد من الصفقات متوسطة الحجم خلال الدقائق الثلاث الأولى بإجمالي كمية وصلت إلى حوالي 1.8 مليون سهم، بيعت جميعها بسعر 13.6 ريال.. ثم ظهر فجأة عرضين من الحجم الكبير خلال الدقيقة (11:35) بكميات 1 مليون سهم، و868.3 ألف سهم، وبيعت بسعر 13.6 ريال أيضا.. ثم تكرر نفس الأمر في الدقيقة (11:49) ولكن بشكل أكبر، حيث ظهر ثلاثة عروض من النوع الكبير بكميات 1 مليون و1 مليون و823.3 ألف سهم، وبيعت جميعها بسعر 13.6 ريال.. ثم ظهر عرض كبير في الدقيقة (14:32) بكمية 1 مليون سهم وتم بيعه بسعر 13.5 ريال، ثم ظهر عرض في الدقيقة (15:12) بكمية 800 ألف وتم بيعه بسعر 13.45 ريال.. الشاهد أن هناك من كان يضغط بقوة على الإنماء ويسعى إلى تهبيط سعره بحيث استنفذ كافة الطلبات ثم بدأ بعدها يرش حتى تراجع السعر من 13.6 إلى 13.45 ريال، وهذا التراجع رغم أن البعض قد يجده طفيفا، إلا إنه في حقيقة الأمر مؤثر بقوة على مؤشر السوق، وعلى نفسية المتداولين الذين باتوا يتأثرون بكل تحرك سعري للإنماء ولكن التساؤل الهام هو من يضغط على الإنماء ؟ و لماذا يضغط بهذا الشكل؟ ما نود تأكيده أنه أصبح واضحا أنه كلما ازدادت حركة تداول الإنماء كلما أصبح خاسرا أو ازداد أداؤه سوءا.
6 بنوك تتداول بكميات تقل عن مليون سهم خلال الأسبوع..
من الأمور المثيرة هذا الأسبوع التراجع الحاد في حجم الكميات المتداولة في عدد من أسهم البنوك، حيث انحدرت هذه الكميات إلى ما يقل عن مليون سهم لكل من سامبا وساب والعربي والفرنسي والهولندي والاستثمار.. ويفسر ذلك بأن البنوك لا تمتلك أية محفزات ولا يوجد لديها ما يمكن أن يدفع حركة التداول عليها.. ليس الآن فقط ولكن لفترة تمتد إلى نهاية هذا العام تقريبا.
د. حسن الشقطي / (*) محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail.com