Al Jazirah NewsPaper Saturday  14/11/2009 G Issue 13561
السبت 26 ذو القعدة 1430   العدد  13561
مَنْ يموِّل الحوثيين؟
فضل بن سعد البوعينين

 

نقلت جريدة الحياة عن مسؤول أمني رفيع في وزارة الداخلية اليمنية قوله (نحن في صنعاء أبلغنا طهران عبر القنوات الرسمية بضرورة قطع الإمدادات والتوقُّف عن دعم الحركة الذي يأتي من داخل المؤسسات الدينية والمرجعيات والحوزات الشيعية في طهران؛ لأننا وجدنا علاقة متكاملة بينهم من خلال الدعم والتسليح والتدريب).

اللافت في تصريح المسؤول الأمني طلب صنعاء من الإيرانيين قطع الإمدادات والتوقُّف عن دعم الحركة، وكأنهم لا يستطيعون فعل ذلك على أرض الواقع، وهو ما يبعث على الاستغراب.

أما وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي فقد اتهم في تصريح لإحدى القنوات الفضائية جهات في الكويت والبحرين والسعودية بتقديم دعم مادي للمتمردين الحوثيين، وهو أمر متوقع في مثل هذه الظروف.

إيران لن تتوقف عن دعم عصابات المتمردين في جميع المناطق العربية، بل على العكس من ذلك فهي تسعى لاستغلال أي خلاف داخلي لتحقيق مصالحها الخاصة ودعم استراتيجيتها التوسعية في المنطقة. كما أن بعض الجماعات الموالية لإيران قد تقدم الدعم المادي للجماعات الإرهابية التي تزرعها إيران في المناطق العربية ودول الخليج، وإن كان على حساب دولها. المطلوب من الحكومة اليمنية فرض سيطرتها على المناطق الداخلية، والسواحل البحرية والحدود البرية، والسفارات المشبوهة؛ لوقف التدفقات المالية الإيرانية، وشحنات السلاح لعصابة الحوثيين. أما الدول الخليجية فهي مطالبة بتجفيف منابع تمويل الإرهاب أياً كانت مصادره الداخلية.

كشفت الأنباء عن عمليات تهريب سلاح وأموال إيرانية من سواحل إحدى الدول الإفريقية إلى السواحل اليمنية المفتوحة. تغلغل الاستخبارات الإيرانية في بعض الدول الإفريقية الساحلية، وتكوينهم خلايا تابعة سهَّل عليهم إيجاد البدائل الفاعلة لنقل الأموال والسلاح إلى داخل اليمن. تجفيف منابع التمويل يحتاج إلى خطط استخباراتية مضادة تقضي على جيوب الاستخبارات الإيرانية في الدول العربية والإفريقية على حد سواء، ويحتاج أيضا إلى ضبط الحدود بما يضمن منع دخول الأموال والسلاح المهرب إلى مناطق النزاع، أو المناطق الأخرى الداخلة ضمن المناطق المستهدفة بالتخريب الإيراني المستقبلي، ويحتاج أيضا إلى رقابة صارمة على القطاع المصرفي والتحويلات وتناقلات الأموال في الداخل.

فتكديس السلاح وتخزين الأموال والمؤن كانا حاضرَيْن في مناطق الحوثيين منذ سنوات، وهو ما اعتمد عليه الحوثيون في تمردهم، إضافة إلى الشحنات المهربة عن طريق البحر، وما يصلهم من الجماعات الموالية. ما تقوم به جماعات الحوثي ما هو إلا جزء من المخطط الإيراني الشامل للمنطقة، ومن الطبيعي أن تضمن لهم توفير المال والسلاح، الدعم الدبلوماسي، الإعلامي، واللوجستي، وهو ما يحتاج أيضا إلى إيقاف، ومحاربة من الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي.

في مقابلة مع قناة الجزيرة الدافعة نحو التصعيد! أشار سعيد ثابت سعيد، وهو ممن استعانت بهم القناة لدعم وجهة النظر الحوثية، إلى أن الحوثيين (نشروا في مواقعهم الإلكترونية قبل ستة أشهر أن الحرب القادمة ستكون مع السعودية)؛ مضيفا أنهم تحدثوا أيضا بأن الحرب ستخدم أهدافهم الاستراتيجية. سعيد ثابت كشف، ضمن ما كان يعتقد أنه دفاع عن الحوثيين، عن تخطيطهم لاقتحام الحدود تحقيقاً لأهداف استراتيجية، وهو ما يدين الجماعة، وأعوانهم، وإعلام المرتزقة الذي جعل منهم الطرف المُعتدى عليه وهو المعتدي. القوات السعودية كشفت عن قيام الحوثيين بحفر خنادق دفاعية، ومخازن للأسلحة والمؤن منذ شهرين تقريبا في جبل دخان تحسباً للمواجهة، وهو ما يؤكد نواياهم المسبقة.

جبل دخان ربما كان الخطوة الاستراتيجية الأولى. التخطيط المسبق لاختراق الحدود، وتوقيته المرتبط بموسم الحج يثيران الكثير من علامات الاستفهام. أمن الحجاج، وضمان خلو موسم الحج من إفساد المفسدين يحتاجان إلى حزم، مماثل لحزم القوات السعودية في المنطقة الحدودية، مع كل من تسوِّل له نفسه المساس بأمن الحجيج. في الأصل تسعى إيران إلى إشعال موسم الحج بالفتن والمخالفات الأمنية، وهو ما مهَّدت له تصريحات المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، والرئيس الإيراني محمد أحمدي نجاد. تعتقد إيران أن ما يحدث على الحدود السعودية اليمنية ربما ساعدها في تنفيذ مخططاتها المشبوهة، إضافة إلى ذلك فهي تعتقد أن فتح جبهة الحدود يقحم السعودية في نزاعات إقليمية، ومتابعات دولية مستقبلية. تسعى إيران من خلال الزج بالحوثيين في حربهم العبثية إلى تضخيم حجمهم، ورسم صورتهم العالمية، واستكمال صناعتهم الدولية، وهو دور مشابه لما قامت به في تسويق جماعاتها الإرهابية في المناطق العربية الأخرى. القوات السعودية لقنت الحوثيين درسا لا يُنسى، وتعاملت معهم بحزم، ثم أفشلت مخططاتهم حين التزمت بحدودها البرية، ولم تتقدم نحو الأراضي اليمنية؛ ما فوَّت على المتربصين تحقيق أهدافهم المشؤومة. ضبط الحدود يفترض أن يكون مهمة مشتركة بين البلدين، إلا أن الحدود اليمنية تشهد انفلاتاً أمنياً تسبب في المواجهة الأخيرة. ضبط الحدود من الجانب اليمني مسؤولية القوات اليمنية؛ لذا فهي مطالبة بالتحرك السريع لاستثمار التغيرات الأخيرة لوقف تسلل عصابات الحوثيين، ولإبطال المخططات الإيرانية والغربية التخريبية في المنطقة.

* * *

F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد