هل تؤدي الجمعيات العمومية في المنظمات غير الهادفة للربح أدوارها المطلوبة منها؟ وما أسباب إخفاق الكثير من الجمعيات العمومية في معالجة الخلل في تلك المنظمات؟ هل هناك أدوار توعوية لأعضاء الجمعيات العمومية؟ ومن المسؤول عن هذه الأدوار؟ من يتحمل فشل أداء بعض الجمعيات هل هو مجلس الإدارة أم المدير العام أم الجمعية العمومية؟ ما مستوى عدد الحضور في تلك الجمعيات؟ وكيف نستفيد من ضوابط ومعايير الحوكمة في الجمعيات الخيرية؟ هذه الأسئلة وغيرها نحاول أن نجيب عليها من خلال هذه المقالة.
وبداية نتفق أن قطاع المنظمات غير الربحية يعتبر الركن الثالث من قطاعات التنمية متعاضداً مع القطاعين الحكومي والخاص.
والمنظمات غير الربحية كالجمعيات الخيرية والاجتماعية والجمعيات المهنية والعلمية بمختلف تخصصاتها حدد لها النظام الأساسي الأطر المؤسسية التي تساعدها على تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها. ومن هذه الأطر تحديد الاختصاصات للجمعيات العمومية، ومجالس الإدارة، والإدارة التنفيذية.
وسنركز على دور الجمعيات العمومية وأثرها في تطوير الجمعيات باعتبارها السلطة العليا للجمعيات، وقراراتها ملزمة للجميع.
يتمحور أبرز اختصاصات الجمعيات العمومية في مناقشة خطة الجمعية للعام القادم وإقرار الميزانية التقديرية، دراسة تقرير مراجع الحسابات عن الميزانية العمومية الختامية المنتهية والتصديق عليها بعد مناقشتها، ومناقشة تقرير مجلس الإدارة عن أعمال الجمعية ونشاطها للسنة المالية المنتهية، ودراسة مبدأ استثمار أموال الجمعية واقتراح مجالاته، انتخاب أعضاء مجلس الإدارة، وتشكيل اللجان الدائمة والمؤقتة، وتعيين محاسب قانوني مرخص لمراقبة ومراجعة حسابات الجمعية.
إن النظر للاختصاصات المذكورة للجمعيات العمومية يؤكد على الدور الفاعل الذي ينبغي أن تقوم به لتؤدي الجمعيات رسالتها في تنمية المجتمع، وهو دور كبير يؤهلها لدور القطاع الثالث في تنمية البلاد، وقد قامت به عدد من الجمعيات في المملكة.
ولكن واقع الجمعيات العمومية في عدد آخر من المنظمات غير الربحية يمثل جانباً من الدور السلبي أو الهامشي في مسيرة تلك الجمعيات، حيث تدني عدد الحضور في اجتماعاتها، وعدم المشاركة الإيجابية، وضعف ممارسة الأدوار الرقابية المحددة وفق النظام.
وعندما تأخذ الجمعيات العمومية على عاتقها ممارسة كامل اختصاصاتها فإن مجالس الإدارات ستأخذ ذلك في الاعتبار عند مباشرتها لمهامها.
وبمراجعة بعض الاختصاصات التي أشرنا إليها، وكيف يمكن لأعضاء الجمعيات العمومية أن يكونوا أكثر فاعلية، يمكن الإشارة إلى الخطة والميزانية التقديرية، وهذا المحور يعكس دورين لمجلس الإدارة وللجمعية العمومية، الأول لمجلس الإدارة بتقديمه خطة العمل والميزانية التقديرية المطلوب الموافقة عليها لتنفيذ تلك الخطة، والدور الآخر لأعضاء الجمعية العمومية في مناقشة المجلس حول الخطة والتأكد من جودة الأهداف وواقعيتها وشموليتها، والبرامج والأنشطة لتحقيق تلك الأهداف، ووجود مؤشرات للأداء، ومدى ملاءمة البرنامج الزمني للخطة إلى غير ذلك مما يتعلق بمنهجية إعداد الخطة.
وعن نشاط مجلس الإدارة للسنة المنتهية، من المهم أن يصل جدول الأعمال مع مرفقاته إلى أعضاء الجمعية العمومية قبل وقت كاف من الاجتماع، ليتسنى للأعضاء قراءة المرفقات تمهيداً لمناقشتها عند عقد الاجتماع، وهذا يساعد على رفع مستوى أداء أعضاء الجمعية العمومية، سيما إذا كانوا يركزون نقاشهم حول ما ورد في تقرير مجلس الإدارة استيضاحاً، وتأكيداً، أو اقتراحاً، أو اعتراضاً على بعض ما يرد في التقرير. وليكن الهدف هو التقويم، والتطوير، ورفع كفاءة الأداء، وليس النقد بدافع النقد فقط. مع أهمية الابتعاد عن الأمور الشخصية التي ينبغي الترفع عنها وأن يكون الجميع على مستوى المسؤولية، وأن دافعهم الأساس هو المصلحة العامة للجمعية التي ينتسبون إليها.
ويعتبر تشكيل اللجان عنصراً مهماً فهي إحدى الأدوات الإدارية للتطوير، وحل المشكلات، وتوزيع الأدوار، ومسؤولية الجمعية العمومية هو التأكد من وجود هذه اللجان في مجلس الإدارة، أو اتخاذ القرار بإيجادها. واللجان المقترحة هي: لجنة المراجعة الداخلية، ولجنة تطوير الأعمال، ولجنة الاستثمار، ولجنة تطوير الموارد البشرية، وعن انتخاب أعضاء مجلس الإدارة، تطرق النظام الأساس إلى آلية انتخاب أعضاء مجلس الإدارة وهذا ليس موضوعنا ولكن ما يهمنا هو متطلبات ومواصفات عضو المجلس المنتخب، فليست العبرة بعدد الأشخاص وكيفية ترشيحهم مع أهميتها، ولكن أرى أهمية أن توضع متطلبات للأعضاء المرشحين منها، الاستعداد لتحمل المسؤولية والقيام بالاختصاصات التي حددها النظام، ومنح العضو المرشح أعمال مجلس إدارة الجمعية ما تتطلبه من أوقات للمشاركة في المجلس أو لجانه، ومراعاة العضو المرشح عدم تضارب المصالح الشخصية مع أعمال الجمعية والإفصاح عن ذلك إن وجد، والمشاركة الفاعلة في نقاشات المجلس ولجانه وتقديم المبادرات والمقترحات التي تساهم في تطوير أداء الجمعية.
ختاماً.. من حق أعضاء الجمعيات العمومية التساؤل عن انعقاد اجتماع الجمعيات العمومية في أوقاتها المحددة وفق النظام، وهل يتم تزويدهم مبكراً بما يخص الاجتماع؟ وهل هناك آلية لضبط التصويت أثناء الاجتماع؟ وما هي إجراءات الجمعيات ومجالس الإدارة لتيسير مشاركة أكبر عدد من أعضاء الجمعية في اجتماع الجمعية العمومية؟.
نتمنى من خلال ما ذكر في هذه المقالة أن تسهم الجمعيات العمومية في تطوير أداء الجمعيات الخيرية والمهنية والعلمية، وإلى لقاء قادم بإذن الله حول أدوار مجلس الإدارة في المنظمات غير الربحية.