اجرى لقاء: خالد الدوس
** ثمة رجال أفذاذ ونماذج وطنية لا تعرف التثاؤب.. حفرت الصخر وكافحت ونافحت في ميدان الحياة العصامية ومضمار التعب والكبد والمشقة.. فنهلت العلم والمعرفة من أعرق الجامعات العالمية وتسلحت بالشهادات العلمية.. من أجل بناء العقل وتغذية الذات وإشباع الرغبة فكراً وعلماً وثقافة.. وترسيخ أيضاً دعائم وقواعد بناء مستقبلها المعرفي والوظيفي على أرضية علمية صلبة.. لأنها (مبدعة) تملك خاصية الإرادة القوية والعزيمة الصلبة والإصرار المؤجج.. فتقودها قاطرة الطموح الوثاب إلى محطة التفوق والنجاح.
** ومن هذه النماذج الوطنية (العصامية) المدججة بالعلم الأكاديمي والخبرة الميدانية والكفاءة العلمية والعملية الدكتور (محمد الرويشد).. وكيل وزارة التربية والتعليم لشؤون التعليم.. والرياضي السابق الذي خاض تجربة إدارية بنادي الرياض في بداية حياته العملية وتحديداً في حقبة التسعينيات الهجرية ومن بوابة (مدرسة الوسطى) التي أكسبته المهارات الإدارية وهو في مقتبل عمره الوظيفي.. رشح ليكون أمينا عاما للاتحاد العربي لكرة الطاولة. وبعد حصوله على درجة البكالوريوس من جامعة الرياض (الملك سعود حالياً) عام 1393هـ تخصص (كيمياء) اتجه به قطار الطموح العالي لمواصلة دراسته العليا في الولايات المتحدة الأمريكية بذات التخصص وحصل على درجة الماجستير من جامعة غرب متشجن عام 1399 ثم تلا ذلك شهادة الدكتوراه من جامعة شمال كولورادو عام 1404، وبعد عودته لأرض الوطن وهو مرصع بالعلم والمعرفة تسنم عدة مواقع مرموقة في منظومة التربية والتعليم إذ رشح عميدا لكلية المعلمين ومشرفا على كلية التربية البدنية والرياضية فوكيلا مساعدا لشؤون الطلاب ومدير عام التعليم بمنطقة الرياض ثم وكيلا للتطوير التربوي ووكيلا للآثار والمتاحف، وحاليا وكيل الوزارة للتعليم.. هذا إلى جانب عضويته في العديد من الجمعيات العلمية واللجان التعليمية والتربوية والاجتماعية والمهنية.
* «الجزيرة» التقت الدكتور (الرويشد) في لقاء تحدث فيه عن العديد من الجوانب الرياضية والاقتصادية والأكاديمية إلى جانب أمور أخرى تهم الشأن المدرسي والأولمبي.. إليكم نص الحوار:
* دعنا في البداية نسلط الضوء على أبرز محطات حياتكم الدراسية - الرياضية (الإدارية) التعليمية - التربوية - الأكاديمية.. في أسطر مختصرة
- يمكن أن أختصر سيرتي الذاتية في مولدي بمدينة الرياض وإكمال تعليمي العام والجامعي بها ثم حصولي على الماجستير والدكتوراه من الولايات المتحدة الامريكية وعملي رئيسا لقسم الكيمياء في كلية المعلمين بالرياض ثم وكيلا ثم عميدا للكلية ومديرا عاما للنشاط الطلابي بوزارة التربية والتعليم فوكيلا مساعدا لشؤون الطلاب ثم وكيلا للتعليم وأشرف بالعمل في العديد من اللجان الوطنية والفرق الاستشارية وعضوية عدد من الجمعيات العلمية داخل المملكة وخارجها، والخدمة في عدد من جمعيات النفع العام.
* كانت لكم تجربة إدارية في نادي الرياض في حقبة التسعينيات الهجرية.. ولماذا اخترت العمل بمدرسة الوسطى بالذات رغم وجود أندية كبيرة مثل الهلال والنصر وكيف تقيم هذه التجربة؟ كما أنكم عايشتم العديد من رجالات الرياض (النادي) الذين كان لهم الريادة في بناء المدرسة، حدثنا أيضاً عن أبرزهم وكيف كانت علاقتكم خصوصاً في العمل الإداري داخل أروقة البيت الأحمر في تلك الحقبة؟
- لا أود أن نختلف منذ البداية ولكن أرجو أن تسمح لي ألا أتفق معك في تصنيف الأندية إلى أندية كبيرة وأخرى غير كبيرة حيث لا يستند ذلك التصنيف إلى معايير واضحة ومحددة، وعلى كل حال فمدرسة الوسطى كانت ولا تزال إن شاء الله ذات تاريخ عريق ومشرف يجعلها في مصاف أندية المملكة التي نفتخر ونعتز بها.ويشهد الله أنني استمتعت واستفدت الكثير من خلال تشريفي بالعمل في مجلس إدارة نادي الرياض فقد أتاحت لي فرصة كبيرة في مقتبل حياتي العملية لكسب العديد من المهارات الإدارية وفرصة الاستفادة من خبرات قامات كبيرة أمثال الأستاذ صالح القاضي- أطال الله في عمره- والأستاذ صالح الكنعان رحمة الله عليه والأستاذ عبدالله الزير (مؤسس أهلي الرياض مع الرمز الراحل محمد الصايغ - رحمه الله وهو بالمناسبة من أبرز رجالات الحركة الرياضية بالمملكة) والأستاذ عبدالعزيز العسكر والأستاذ عبدالعزيز البديع والأستاذ محمد الحسيني والأستاذ سليمان العيسى والأستاذ بدر الدايل والأستاذ فهد الحمالي وبزمالة نخبة رائعة من الإداريين والفنيين والمشجعين أذكر منهم على سبيل المثال وليس الحصر الدكتور صالح العبدالقادر والأساتذة عبدالعزيز بن حمد ومحمد عسيري وأخوه يحيى رحمة الله عليه وأبو عبدالله الشعيبي وأبو مشهور رحمة الله عليه وسعود القباع وعبدالله القصيمي ومن اللاعبين في ذلك الحين الأساتذة طارق التميمي، وعبدالعزيز الزمامي وعبدالعزيز الشليل والدكتور صلاح السقا وعلي القبيسي وفيصل رضوان ورفعت طاشكندي وعبدالقادر العبدالقادر والمرحوم رائد الحمدان وغيرهم ممن أريد أن يعذرني في عدم ذكر أسمائهم في هذه العجالة ولكن أحمل لهم الكثير من الحب والتقدير، باختصار فترة عملي في إدارة نادي الرياض فترة رائعة من حياتي عملت فيه في بيئة مثالية وتعلمت فيها الكثير واكتسبت العديد من الإخوة والأصدقاء واعترف انني استفدت من نادي الرياض أكثر مما استطعت تقديمه له، أما بالنسبة للعمل في الأندية الأخرى فبعد انتهاء عملي بمجلس إدارة نادي الرياض ولعلي ولا أذيع سراً ولكنها فرصة لذكر وشكر دعوة الشيخ عبدالرحمن بن سعيد قبل عقدين من الزمن للعمل معه في مجلس إدارة نادي الهلال، ولكنني اعتذرت لسعادته مع تشرفي ورغبتي بالعمل، ولكنني خشيت الا يستوعب المجتمع الرياضي في ذلك الحين ان يعمل شخص في أكثر من ناد وإن كانت للشيخ أطال الله عمره تجربة في ذلك الشأن عندما استطاع ان يؤسس ويخدم أكثر من كيان رياضي، وهناك أيضاً أكثر من شخصية الرياضية عملت في أكثر من ناد أمثال معالي الأستاذ فيصل الشهيل والأستاذ محمد عبدالرحمن رمضان وغيرهما.وكان للعمل في النادي الفضل في إتاحة الفرصة لي بالعمل أميناً عاماً للاتحاد السعودي لكرة الطاولة أميناً عاماً للاتحاد العربي لكرة الطاولة والاستمتاع والاستفادة من العمل على المستوى العربي والقاري والدولي وكسبت العديد من الإخوة والأصدقاء وعلى رأسهم الزملاء في الاتحاد السعودي لكرة الطاولة فلا يمكن أن أنسى الأساتذة سليمان الجبهان وإبراهيم العلي ومحمد الحسيني وسعود العبدالعزيز وناصر الحجيجي وعبدالله الحديثي ومحمد المالك والدكتور زهير السباعي وعبدالرحيم الأحمدي وفهد الباني وعمرو حافظ وعبدالله البار والكثير من الأحبة الذين شرفت بالعمل معه في الاتحاد السعودي والاتحاد العربي.
استشراف المستقبل!
* حصلتم على بعثة خارجية في النصف الثاني من عقد التسعينيات الهجرية وتحديداً إلى الولايات المتحدة الأمريكية فأنهت علاقتكم الإدارية مبكراً بالنادي.. حدثنا عن أبرز ملامح تلك الأيام الخوالي وأنت تغادر الوطن لأول مرة لاستشراف مستقبلك العلمي وتحصيلك الدراسي؟
- حصلت على البعثة للدراسات العليا بعد إتمامي للمرحلة الجامعية في كلية العلوم جامعة الرياض (الملك سعود حالياً) وفي تصوري الشخصي انه السن المناسبة للابتعاث وهي بداية العشرينيات من العمر وكانت البعثة للولايات المتحدة الأمريكية حيث درست اللغة في فلوريدا والماجستير في متشجن والدكتوراه في كلورادو والشكر لله ثم لوطني الحبيب على تلك السنوات الجميلة من العمر والحافلة بالتحصيل العلمي والتعرف والتعايش مع ثقافات وأنماط حياتية مختلفة كانت رحلة مشرقة بالتفاؤل والآمال مملوءة بالطموحات ولكنها أيضاً مثل أمور الحياة الأخرى لم تخل من أيام حزينة تمثلت في افتقاد حبيبتي السيدة الوالدة رحمة الله عليها.
* يرى الكثير أن مخرجات الكلية تفتقد للأساليب الأكاديمية الحديثة والمنهجية العلمية السليمة بدليل ضعف هذه المخرجات وتواضع قدرات معلمي التربية البدنية ما تعليقكم؟ وهل سلخ الكلية من الوزارة وضمها لجامعة الملك سعود سيعيد صياغة ودراسة ومنهجية الكلية من الناحية الأكاديمية والتطويرية والتعليمية.. بما يعزز من مخرجاتها علمياً وتطويرياً؟
- الكلية تدرجت من معهد ثانوي إلى كلية متوسطة إلى كلية مدة الدراسة فيها أربع سنوات، ولذا لا يمكن الحكم على المخرجات بمعيار واحد، وكان من الطبيعي أن يحدث تطوير في المنهج والأساليب وهو ما عملت عليه وزارة التربية والتعليم فقد شكلت لجان لذلك شارك فيها عدد من المختصين منهم أعضاء هيئة تدريس في كلية التربية بجامعة الملك سعود (قسم التربية الرياضية) ووضعت هذه اللجان مقررات الكلية، ولا شك أن انضمام الكلية إلى جامعة الملك سعود سيعزز من مخرجاتها إن شاء الله بشرط أن تلقى الاهتمام الكافي والمنشود، وبالنسبة لمستوى مخرجات الكلية، فالأمر يحتاج إلى دراسة علمية بعيد عن الانطباعات الشخصية.
الحراك المدرسي
* الرياضة المدرسية في الماضي كانت تشكل النواة الأولى لبروز المواهب الرياضية في مختلف الألعاب بعكس اليوم الذي اختفت فيه هذه المواهب الشابة. سؤالي هنا لماذا غابت الرياضة المدرسية وانطفأ وهجها ومن المسؤول عن ذلك؟
- هذه وجهة نظرقابلة للنقاش وأدعو كل من يتبنى ذلك الرأي أن يقارن بين الحاضر والماضي في ضوء المعلومات المتوفرة ثم يحكم، فواقع الرياضة المدرسية اليوم يشتمل على مسابقات وطنية في عدد من الألعاب المدعومة من الوزارة والقطاع الخاص ودورة رياضية مدرسية تقام كل عامين ترتكز على مجموعة من التصفيات الأولية في الألعاب الممثلة في الدورة. وحرص على انتظام المشاركة في الرياضة الإقليمية وتمثيل فاعل في المنظمات والهيئات الرياضية الأولمبية والقارية والسعي لمراحل نمو مجموعة من تلك المواهب في عدد من الألعاب المختلفة للتعرف على دور الرياضة المدرسية في جانبها التنافسي في تكوين وصقل تلك المواهب، وهنا يبرز تساؤل مهم هل قامت الرياضة المدرسية بدورها المنشود في خدمة الرياضة الوطنية من خلال الأندية والمنتخبات؟.. الجواب قطعاً لا، السبب في ذلك عدم وجود تنسيق كاف بين جهود الأطراف المعنية من خلال استراتيجية وطنية للرياضة تحدد فيها مهام كل جهة معنية في الجوانب التنافسية والصحية والتربوية للرياضة.
تمويل الرياضة المدرسية
* يعاني معلمو التربية البدنية في الوقت الحالي من ضعف الإمكانات في المدارس علاوة على تواضع النشاط البدني في الحقول التربوية وأنت كمسؤول رفيع نضع الكرة في مرماك، ونسألك أين دور الوزارة في توفير من هذه المتطلبات الأساسية التي تستهدف البناء الرياضي والبدني والفكري للطالب؟
- وستظل الكرة في المرمى حتى نستطيع توفير مصادر تمويل الرياضة المدرسية فالبند المخصوص للنشاط الرياضي لا يزال قاصرا عن سد الاحتياجات في ذلك المجال ولكن لا يجب أن يتخذ ذلك عذرا من قبل المعلم للتقصير في عمله فلا شك ان المعلم يستطيع ان يقدم الكثير حتى في ظل تواضع الامكانات المتاحة.
* كانت هناك اتفاقية بين الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة التربية والتعليم إلى أي مدى وصل هذا المشروع؟ وما هي أبرز مضامينه؟
- التنسيق والتعاون بين الوزارة والرئاسة قائم منذ وقت طويل بل كانت الوزارة تقوم بدور الرئاسة قبل إنشائها، وهناك وثائق تشير إلى أن تسجيل الأندية الرياضية كان يتم في الوزارة. وللأمير الراحل فيصل بن فهد- رحمه الله- أياد بيضاء على الرياضة المدرسية فبدعمه اللامحدود لم تغب الرياضة المدرسية السعودية عن سماء الدورات المدرسية السعودية وبقراره فتحت منشآت الرئاسة العامة لرعاية الشباب لجميع الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية لطلاب المدارس، وتأكيداً لاستمرارية هذا المنهج حرص الأمير سلطان بن فهد ونائبه الأمير نواف بن فيصل على مزيد من التعاون والتنسيق بين الرئاسة والوزارة من خلال اجتماعات شرفت برعاية سمو الأمير سلطان وسمو نائبه ومعالي الوزير وتم الاتفاق فيها على عدد من الأمور أهمها:
- الاستفادة من المرافق والمنشآت الرياضية ومستشفى الأمير فيصل بن فهد للطب الرياضي وبيوت الشباب والطلبة.
- التعاون في مجال الإعداد والتدريب من خلال الدورات التدريبية المتخصصة في المجالات الرياضية والثقافية والاجتماعية والعلمية لدى الجانبين.
- إسهام الاتحادات الرياضية المختلفة في تبني ودعم النشاطات الرياضية الطلابية ومتابعتها فنياً وتقديم العون الفني والمعنوي للمنتخبات المدرسية المشاركة في البطولات الخارجية.
- التنسيق بين مواعيد البرامج والنشاطات للجان.
- تسهيل مهمة منسوبي التعليم المشاركين في أنشطة الرئاسة، وكذلك منسوبو الرئاسة المشاركون في أنشطة الوزارة الداخلية والخارجية.
- تبادل الخبرات والمعلومات في المجالات الشبابية المختلفة.
- إمكانية الاستفادة من لائحة الحوافز للمتفوقين الحاصلين على ميداليات خارجية وفي البطولات المدرسية.وشكلت لجنة تنسيق لمتابعة تنفيذ القرارات برئاسة وكيل الوزارة والرئاسة وعقدت اجتماعها الأول في الشهر الثالث من عام 1421هـ ويبدو أننا في حاجة على تفعيل اللجنة وخصوصاً بعد تولي سمو الأمير فيصل بن عبدالله قيادة الوزارة وهو الرياضي المدرك لأهمية الرياضة وصاحب الدور الكبير في الرياضة الوطنية.. وهنا يجب أن أذكر التعاون المثمر بين الوزارة وبعض الاتحادات الرياضية وأخص بالذكر اتحاد كرة القدم واتحاد ألعاب القوى بقيادة سمو الأمير نواف بن محمد، وكذلك اتحاد السلة واليد والطائرة، والسباحة إلى حد ما.. أما بالنسبة لاتحاد التربية البدنية فالتعاون معه كبير جداً.
* في بكين عام 2008 سجلت الألعاب السعودية المختلفة إخفاقاً وفشلاً ذريعاً وقبلها دورة أثينا عام 2004 واستمرت عجلة الإخفاق اولمبيا وعالميا.. وبصفتكم عضواً في اللجنة الأولمبية العربية السعودية كيف نؤسس رياضة سعودية شاملة لكل الألعاب بصورة علمية قادرة على المنافسة والحضور المتوقع؟
- لست عضواً في اللجنة الأولمبية ولكنني أشرف بعضوية جمعيتها العمومية، وفي رأيي المتواضع ان التأسيس لرياضة سعودية شاملة لكل الألعاب وبصورة علمية قادرة على المنافسة والحضور المتوقع يحتاج إلى عمل وجهد كبير ويرتكز كما عبرت سابقاً على استراتيجية للرياضة الوطنية تحدد الأهداف وأدوار كل الجهات المعنية بالرياضة الوطنية وعبر عمل مؤسسي يشارك في خبرات وطنية، وإلى أن يحدث ذلك دعنا نقول وبكل صدق ان الرياضة السعودية تحقق احيانا نتائج طيبة نستحقها ولكن دون ثبات واستمرارية في المستوى كما ان حصيلتنا في الميداليات الاولمبية لا تتناسب مع امكانياتنا البشرية والمادية.
الصقر الأولمبي
* في الصين يتم إعداد اللاعب الأولمبي من السن السابعة وعلى مدى 12 عاماً أي استخدام منهج (إعداد طويل المدى) هل مشروع الصقر الأولمبي الذي تم تدشينه مؤخراً سيعيد صياغة وبلورة حضورنا أولمبياً؟
- أرجو ذلك.. والمشروع خطوة رائعة أرجو أن نحقق منها نتائج جيدة، والمهم في الاستعانة بالخبرات الأجنبية أن تعلمنا كيف نصطاد السمك لا أن تصطاد لنا سمكا.
* شاركتم في تدريس عدد من المواد في جامعة الملك سعود وجامعة الإمام ومن خلال خبراتكم الأكاديمية دعنا نعرج إلى التساؤل التالي، هل وصلنا لمرحلة تتطلب إنشاء جامعة رياضية تضم التخصصات مثل علم النفس الرياضي الاقتصاد الرياضي والتخطيط الرياضي والإدارة الرياضية والاحتراف الرياضي وغيرها من العلوم الرياضية بعدما صارت الرياضة صناعة واقتصادا وتجارة.
- قد لا نحتاج إلى جامعة ولكننا قطعا نحتاج إلى كلية متخصصة وربما أكثر تخدم المجالات الرياضية التي ذكرتها ولكن وبكل أسف عندما أتيح لإحدى جامعاتنا العريقة والتي نفخر بها احتضان كلية رياضية تم التعامل معها بطريقة أقل ما يمكن القول عنها لا يليق بالجامعة ولا بالكلية بل ذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك عندما رأى ان يكتفى بقسم وتلغى الكلية.
* تعيش الجامعات السعودية طفرة نوعية في الكراسي البحثية العلمية في المناشط الاجتماعية والصحية والصناعية والأمنية والاقتصادية.. هل غياب كرسي البحث العلمي للرياضة يعود للنظرة الاجتماعية للرياضة..؟ أم ماذا؟
- أرجو ألا يكون الأمركذلك فحدوث ذلك من نخبة المجتمع في الجامعات يعيد حركتنا الرياضية إلى المربع الأول ونقطة الصفر. ويا ترى ما هي نتائج الكراسي العلمية على مجالاتها قد يحتاج الأمر إلى وقفة تأمل.
* الرياضة أصبحت تجارة وصناعة واستثمارا وإزاء ذلك قرر مجلس الشورى تخصيص الأندية الرياضية كيف ترى هذا القرار التاريخي الذي ستدخل عبر بوابته الأندية عالم الخصخصة والاستثمارات المالية؟
- يحمد لمجلس الشورى الموقر اهتمامه بصدور هذا القرار التاريخي الذي سوف يدعم مسيرة الأندية الرياضية ويحميها من تقلبات ومزاجية التبرعات والهبات فضلاً عن جودة وإتقان وضبط العمل الإداري والمالي والتنظيمي في أروقة الأندية.
* هل الأندية الرياضية مهيأة للتعامل مع مشروع الخصخصة العملاق ومكوناته في ظل غياب التخصص العلمي الدقيق علاوة على تواضع القدرات الإدارية في معظم الأندية الرياضية؟
- يصعب علي التصديق ان قرارا بهذا الحجم يصدر من مؤسسة بتلك المكانة دون التأكد من تهيئة البيئة المناسبة لنجاح تطبيقه. فمن البديهي أن عدم تهيئة التشريعات والظروف والكوادر والإمكانات اللازمة لتطبيق أي مشروع هو إعلان مبكر لفشله وهدرللجهد والوقت والمال وهنا تصبح الخسارة أكبر من مضاعفته.
توظيف القدرات
* الآن ونحن في عصر الاستثمار الرياضي هل تؤيد دخول الكوادر الاقتصادية للمجال الرياضي لتعمل داخل أروقة الأندية.. وتعزيز هذا الجانب الحيوي؟
- بل ويجب على الأندية أن تبحث عن تلك الكوادر المتخصصة وتوظيفها لخدمة الجانب الاستثماري والاقتصادي في النادي بشرط ان تلتزم تلك الكوادر بدورها وألا تتحول بعد فترة قصيرة لتلعب كل الأدوار في النادي وتتدخل في كل صغيرة وكبيرة ما يعنيها وما لا يعنيها.
رواتب المحترفين
* الأندية السعودية دخلت في العام المنصرم دوري المحترفين بهيأته العصرية هل ترى إعادة النظر في سلم رواتب اللاعبين المحترفين طالما ان هناك تباينا في مؤهلاتهم الدراسية علاوة على مستويات ثقافتهم وفكرهم الرياضي؟
- قد لا يعجب بعضهم رأيي في هذا الموضوع ففي اعتقادي أن المؤهلات الدراسية قد تحدد المستوى الأدنى للرواتب أما سقف الرواتب فيجب أن يرتبط بالمستوى الفني للاعب خصوصاً ونحن نعرف ان العمر المهني للاعبين (أطال الله أعمارهم) قصير وهذا لا يعني انني أتفق مع التنافس غير الصحي الذي يؤدي إلى سقف رواتب لا يتناسب مطلقا مع حجم الموهبة والخاسر الأكبر هنا هي الأندية الرياضية السعودية.
الصندوق الرياضي
* في اليابان أنشئت مؤسسة خيرية ترعى أحوال اللاعبين المعتزلين، وتصحح أوضاعهم عرفاناً بما قدموه لبلدهم على الصعيد الرياضي.. متى نرى مثل هذه المؤسسة الخيرية في المجتمع الرياضي السعودي تحديداً وأنت الرياضي السابق، في ظل كثرة الحالات الإنسانية للاعبين القدامى؟
- في اليابان وفي دول أخرى والحالة المادية والمهنية لبعض اللاعبين القدامى تؤكد على ضرورة وجود مثل هذه الجمعية التي لا أظنها جمعية خيرية ولا يجب أن تكون بل هي جمعية مهنية من جمعيات المجتمع المدني يسعى على تأسيسها لاعبون ممن هم في يومهم الأبيض لتنفعهم لا قدر الله في يومهم الأسود وتستثمر مواردها المكونة من رسوم الاشتراك وأي موارد أخرى ويكون للجمعية وظائف أخرى مثل حماية حقوق اللاعبين ورعاية شؤونهم ويستفيد من خدماتها اللاعبون الأعضاء فيها، وقد ترى الرئاسة العامة لرعاية الشباب أن يكون الصندوق الرياضي نواة لتلك الجمعية.
تأثير متباين
* نحن في حقبة العولمة الإعلامية وانفجارها الاتصالي والفضائي والمعرفي.. كيف ترى تأثير وسائل الاتصال الجماهيري المختلفة والفضائيات المتعددة على ثقافة المجتمع بشكل عام؟
- في عصر التقنية لوسائل الاتصال الجماهيري والفضائيات سطوة نفوذ على ثقافة المجتمع ايجابا وسلبا، وفي اعتقادي أننا نعيش زمن المسببات.. أما عصر النتائج فقد يتطلب وقتاً وفي حينه سنرى تأثيراً عجيباً على ثقافة المجتمع ويجب أن نعمل من الآن على تخفيف أو إلغاء هذا التأثير في جانبه السلبي بمبادرات وبرامج إبداعية أرجو ألا يكون محاولة حجب هذه الوسائل أو عزلها أحد الحلول المقترحة.
السلوك أولاً..!
* اهتمام وتركيز الأندية الرياضية على النشاط الرياضي فحسب، هل ترك انعكاس سلبياً على فكر وسلوك وثقافة اللاعب في ظل تهميش الأنشطة الثقافية والاجتماعية.. بعكس ما يحصل في الأندية الأوروبية مثلاً من تفعيل هذه الأنشطة وتسخيرها لدعم فكر وسلوك ووعي اللاعب؟
- نعم وفي ضوء الأهداف التي ترسمها لوائح الأندية هناك تقصير واضح في العمل على تحقيق الأهداف المرتبطة بالجانب الاجتماعي والثقافي ولكن هل الأندية قادرة على القيام بتلك الوظائف الثلاث وهي وفرت الإمكانات والكوادر الضرورية لتحقق تلك الأهداف ثم هل من الأفضل أن يكون هناك تركيز على جانب معين هذه التساؤلات يجب الاجابة عنها عندما نناقش تهميش الأنشطة الثقافية والاجتماعية في أنديتنا، أما بالنسبة لدعم فكر وسلوك ووعي اللاعب فهذا يجب أن يكون جزءا أساسيا من إعداده الذي يجب أن يشتمل على الإعداد الثقافي بجانب الإعداد المهاري واللياقي والنفسي.
* * *
سيرة ذاتية
الاسم: د. محمد بن سليمان بن عبدالرحمن الرويشد
تاريخ الميلاد: الرياض 1372هـ
الحالة الاجتماعية: متزوج وأب لشهد وخالد
* * *
المؤهلات العلمية:
* الثانوية العامة من ثانوية اليمامة بالرياض 1389هـ
* بكالوريوس من جامعة الرياض 1393هـ
* ماجستير من جامعة غرب متشجن 1399هـ
* دكتوراه من جامعة شمال كولورادو 1404هـ
الوظيفة:وكيل وزارة التربية والتعليم لشئون التعليم