ليس من المحال بلوغ المنال في أمر ضبط العلاقة بين المعلم ومهنته، ضبطا منظما وفق معايير مهنية أولاً وأخلاقية ثانياً من حيث أن الأخلاق هي المعيار الضابط لسلوك الإنسان ومن ثم المشكل لمهنته وما يترتب من علاقاته بطلابه وأوليائهم، أو الهيئات المديرة والمشرفة والمتابعة للتنفيذ داخل المؤسسات التعليمية التربوية صغرت أو كبرت، محدودة المستوى أو شاسعته..
لست أفصل بين دوري التعليم والتربية، بعد أن أصبح التعليم يأخذ جل وقت الناشئة فهم إما مقضين الساعات الأكثر من يومهم في المدارس ومؤسسات التعليم وإما في متطلبات ما تلقوه وما يسترجعونه أو يعدونه للتأهل به في يوم قادم، حتى إن هناك مطلبا ملحا أصبح اعتياديا لا أثر عنه ولا تأثير منه مكررا على مدى المراحل والسنين يناشد بالتخفيف من ثقل كتب المقررات، الواجبات اليومية في المنازل، وحتى الآن لم تتغير آلية ولا نوعية أساليب من شأنها تحريك دافعية التعلم الذاتي والتركيز على صناعة المهارات الشخصية بمزيد من الإطلاع الحر والتلقي عن قناعة، والاستزادة من الخبرات، وعدم حصرها فيما يتلقنونه في المدارس، ويثقلون به في المنازل،حتى إذا فرغت سلال الصفوف من الجالسين منهم كأنهم في رفوف، وجدت معلوماتهم قد تبخرت ومكاسبهم هزيلة..
ووقفوا يواجهون الحياة على وهن.
من هنا تحدث النزاعات الخفية بين الطالب/ة ومن يعلمهما لأن التمرد هو السلوك الوحيد المعبر عن عدم الرضا، هذا الذي تشكل في دواخل هذا النشء وعبروا عنه بسوء العلاقة مع معلميهم دون أن يتنبه أحد للعودة بإرجاع الأسباب لكل العوامل التي منها لا للحصر: تكدس الحصص تلقينيا، التلقين المفروض وفق محتوى المقررات التي لا تتيح مجالا للخبرات الخاصة بدعمها وتطويرها وإثرائها في بعض حرية تدعم شخصياتهم، الملل من برامج النشاط غير المحفز، الوضع النظامي الذي لا يتيح للطالب/ة التفاعل التبادلي على الأقل في الخبرات الإضافية يحرضون على اكتسابها ذاتيا ولا يحدث، ليكون للخبرات اللازمة التي يقرها النظام وتشملها برامجه فرصة سانحة لتقبلهم وتفاعلهم، مما جعل الحاجز سميكا بين قدرات المعلمين /ات على اتخاذ قرارات فورية ناجمة عن المواقف العابرة بما يعزز ثقة الطالب/ة فيهما وبالتالي وضع حدود نفسية ولكن واعية مقبولة محترمة بينهما وبين معلمه ومعلمتها..
فالمعلم مكتوف اليدين، والطالب - فارغين الجراب من الخبرات.
إن المدرسة ليست للتلقين الجامد لفظا، والدارسون ليسوا ببغاوات للترديد الأصم، كما أن محور التعليم المعلم فهو وريث الأمانة، إذن فهو معقد أخلاقها... إنه الخيط الرهيف بين الواقع والمأمول لكنه حاد لا تراه أعين مزدحمة بما يشغلها.