عندما نتحدث عن التطوير لتحقيق الريادة في المجال الأكاديمي نلاحظ أن الناس القريبين قبل البعيدين يكادون يشككون في ما تطمح له المؤسسات الأكاديمية ممثلة في الجامعات، وتلكم العريقة والرائدة منها على وجه الخصوص.
ونحاول إقناعهم بأن ذلك مسئولية ملقاة على عاتق الجميع بدءا بعضو هيئة التدريس، مرورا بالطالب، ورئيس القسم وعميد الكلية ووكلاء الجامعة ومديرها. يضاف إلى ذلك أن كل واحد في المؤسسة له دوره مهما شعر بضائلة حجمه، بل ينصح بألا يكون لديه شعور من هذا النوع، إذ يسهم الدور الصغير بشكل تراكمي تاركا تأثيرات وأبعاد كبيرة.
دعونا كذلك نحدد مفاهيم للتطوير ومفردات له ثم أهدافاً ووسائل لتحقيق ما يراد تطويره وتنميته. فإذا كان هنالك ثمة خطة إستراتيجية على مستوى الجامعة فلابد أن تعزز بمثلها على مستوى الكلية والقسم الأكاديمي، مع ضرورة التناغم والتواءم بينها، ولنقل إن الهدف من ذلك تحقيق الريادة العلمية، وهي نسبية ضمن عالم يتنافس عليها سواء أكنت مغرباً أم مشرقاً. وما تسعى إليه المؤسسات الأكاديمية لا يخرج عن خمسة أهداف: تحديث الخطط الدراسية، تطوير البنية التحتية وتعزيزها، رفع كفاءة الأداءين الأكاديمي والإداري، تجويد المخرجات التعليمية والبحثية، والإسهام في المشاركة المجتمعية.
جامعة الملك سعود تمر، منذ ثلاث سنوات فقط، بمرحلة تحول وتطوير تسعى بلوغ مرام الريادة العلمية العالمية. ولو رجعنا إلى موقعها على الإنترنت ومفردات ذلكم الموقع لأمكن التوصل إلى عدد من الاستنتاجات. دعونا أولا نستعرض مفردات الموقع ومفاهيمه ومضامينه، مع ملاحظة أن الموقع يمثل بوابة ينفذ منها لدهاليز متعددة ومتنوعة.
تشمل البوابة أموراً مثل أوقاف الجامعة ولجنة مكافحة الأوبئة ووحدة حماية الحقوق الطلابية والنظام الأكاديمي للطلاب ومكتبات الجامعة. أما نافذة مركز المعرفة في الجامعة فتشمل الجمعيات العلمية، التي يقارب عددها الأربعين، ومعهد الملك عبدالله للبحوث والدراسات الاستشارية والحاصلين على براءات اختراع من أعضاء هيئة التدريس والنشر العلمي والمركز الوطني لأبحاث الشباب ومركز التميز لتطوير تعليم العلوم والرياضيات ومركز التميز لأمن المعلومات وبرنامج منح سابك البحثية وبرنامج نوبل في جامعة الملك سعود. كما تشتمل الصفحة الرئيسية من الموقع على حصول الجامعة على المركز 247 عالمياً والأول عربياً في تصنيف التايمز كيو إس، وضمن أفضل 500 جامعة عالمية حسب تصنيف شنغهاي.
وهنالك نافذة خصصت للمراكز التابعة للجامعة ومن ذلك مركز الوثائق ومركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة ومركز الإنتاج والبث التلفزيوني ومركز الدراسات الزلزالية ومركز الترجمة. أما الخدمات المجتمعية فتشمل بنك التبرع بالدم والخدمات التطوعية وخدمة (فكر ونحن ننفذ) وفحص الأسنان وعيادة مكافحة التدخين والمستشفيات الجامعية.
أما البرامج التطويرية في الجامعة فتشمل معهد الملك عبدالله لتقنية النانو وبرنامج الأمير سلطان العالمي للمنح البحثية المميزة وبرنامج كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري وكراسي البحث العلمي ومشروع وادي الرياض للتقنية وبرنامج استقطاب علماء نوبل وبرنامج علماء المستقبل وبرنامج التوأمة العلمية بين الأقسام الأكاديمية ونظائرها في جامعات أخرى. وعلى سبيل المثال لا الحصر شملت مجالات الكراسي البحثية في كلية الآداب الإنسانية والتنموية والإعلامية والاجتماعية والتاريخية.
نستنتج من الموقع ونوافذه وما تحتويه أن الجامعة تريد التواصل على عدد من المستويات: داخل الجامعة بين طلابها وهيئتها التدريسية وإدارييها ومع المجتمع ضمن المستويين المحلي والوطني ومع جامعات خارج الوطن لتحقق حضورا عالميا وريادة فيه. لقد كانت جامعاتنا في قفص الاتهام، وكان الناس يقولون أنتم في الجامعة في أبراج عاجية، أما الآن فالأمور تغيرت وبسرعة، الجامعة لا تمد يدا واحدة بل أياد للمجتمع عن طريق مراكزها المتخصصة وعن طريق كراسيها البحثية وخدماتها الاجتماعية والصحية والتعليمية والفكرية والثقافية والاقتصادية. ومن وسائل الاتصال عن طريق بوابة الجامعة الإلكترونية برنامج تقرير الجامعة في أسبوع الذي يتضمن أخبار الجامعة ونشاطاتها وتنويها بالأحداث المتوقعة في الأسبوع المقبل، إضافة إلى لقاءات مع المسئولين في الجامعة.
كان صوت الطالب داخل الجامعة خافتا، وكان في موقف ضعيف، بل كان في قفص الاتهام دوما، أما الآن فهنالك وحدة حماية الحقوق الطلابية وبرامج الإرشاد الطلابي، وفي كلية الآداب على سبيل المثال هنالك مكتب الخدمات التعليمية للطلاب ومكتب توظيف الطلاب ومكتب للاستشارات النفسية والاجتماعية، من حيث العناية والتشخيص والعلاج، ووحدة حماية الحقوق الطلابية على مستوى الجامعة. ومن الملاحظ أن الجامعة بدأت بالأخذ بالمجالس الاستشارية للطلبة وهذا أمر لم نعهده من قبل.
وعضو هيئة التدريس لا ينتهي بحصوله على شهادة الدكتوراه ثم انخراطه في العمل التدريسي والبحثي في الجامعة بل لابد أن يستمر في التواصل من حيث تطوير مهاراته، وذلك بإقامة ورش عمل ودورات تدريبية محلية وخارجية ودعوة أعضاء هيئة تدريس من خارج الجامعة للاستفادة من خبراتهم ومهاراتهم. وهنالك برامج لتطوير مهارات عضو هيئة التدريس في مجالي البحث والتعليم الإلكتروني. وجوانب التميز تدفع لها الجامعة المكافآت الجزلة في مجال التميز البحثي والتدريسي.
وبالإضافة إلى وضع إستراتيجية عامة لجامعة الملك سعود في الآونة الأخيرة كوّن مدير الجامعة لجنة عرفت بلجنة الرؤى في الجامعة عقدت ورشة عمل لوضع مجموعة من الرؤى لواقع الجامعة ومستقبلها، وقدمت تقريرا احتوى على رؤى ومقترحات شملت عددا من المحاور ذات صلة بالبنيتين الأساسية الإلكترونية والأكاديمية والموارد المالية والتعليم الإلكتروني الجامعي ومخرجات التعليم والتدريب التعاوني والبحث العلمي والجامعة وخدمة المجتمع والبيئة والثقافة المجتمعية والكوادر البشرية ومعايير الجودة الأكاديمية وما يتعلق بالجانب الإنساني وحفظ التوازن وتخطيط المدينة الجامعية.