انقضت أربع سنوات من عمر (المجالس البلدية)، وأظنها فترة جديرة بالتأمل والمراجعة، وفتح كشف حساب بينها وبين المواطن المعني والمُستهدف بهذه المجالس والمُتطلع إلى المأمول منها..
جِدَّة التجربة وحداثتها لا يُمكن أن تكون مَخرجاً لتجاوز هذه الفترة والرضى من الغنيمة بالإياب. والسؤال: ماذا أضافت هذه المجالس..؟ وماذا حققت..؟ وهل لمس المواطن أثراً لها..؟ ولندع وعود مرحلة الانتخابات والأناشيد والخطب والوعود التي واكبتها جانباً، ونحاول البحث عن (مثال أو نموذج) يشكِّل إضافة ملموسةً قامت بها هذه المجالس الموقرة..!
فهل كانت (تمريناً) على ثقافة الانتخابات - ولا يعيبها لو كانت كذلك, فهو منجز بحد ذاته - أم كانت فرصة لبعض المتيمين بالمناصب والباحثين عن الوجاهة؟ هل هي فعلاً مستوىً من مستويات (الشَّراكة الحقيقية) بين الأهلي والرسمي.. في جانب اختصاصي يهم المجتمع.. وإذا كانت كذلك, فماذا قدمت لذلك المجتمع الذي هو رِهانها ورأس مالها.؟.
هل تُشكِّل مفصلاً حقيقياً في الكيان الخدمي الإداري البلديات - الأمانات، أم إضافة كمالية وترف تزويقي؟.
هل لازال المواطن يتحسس حضور قيمة مُبتغاة من هذه المجالس.. كحضور (فترة الانتخابات) وسخونتها، أم أن تلك المقدمات كانت تحمل نتائجها في ذات الوقت؟
أسئلةٌ نعلم أنها لا تغيب عن ذهن مهندس هذه العملية ودافعها نحو التحقق سمو الأمير الدكتور - منصور بن متعب، الذي يتسنَّم اليوم منصب وزير الشؤون البلدية والقروية، ولقد استمعت إلى حديث سموه في الجامعة الإسلامية قبل أشهر، ولمست فيه وعي العارف، وإدراك المسؤول الدقيق لتفاصيل هذه التجربة والأهداف المتوخاة منها. ولاشك أن رؤيته كمتخصص في هذا الشأن الإداري، وبذلك الموقع من المسؤولية يجعلنا نتوخى من سموه مستوى أداء أفضل لهذه المجالس، مستوى أداء تُراجع فيه فلسفتها وكوادرها ونظامها، ولا شك كذلك أن صوت المواطن، له الأولوية لدى سموه وفي اهتمامه.
فالمعوَّل عليه من قبل المواطن، يتجاوز بكثير نمطية (الصياغة النظرية) لتقارير المجالس، والحشو المفرط لما تتضمنه من جداول وأرقام وأحلام.
المواطن يرى ويشاهد ويميِّز ما يراه على أرض الواقع، والمواطن يقيس مستوى الخدمات قبل قيام المجالس وبعده، وبقدر (ضآلة الفوارق) تكمن الرغبة الملحة في المراجعة والمساءلة وإعادة التقييم.