أقسَمَ صديقي الذي طالما (ساح) وجال في أرض الله الواسعة أنه قد سمع ب(أم أذنيه) - هذا إذا كان للأذنين أب وأم - هذه العبارة التي اتخذتها عنواناً لمقالي، وهي تخرج من فم الزوج السعودي، الذي يسير خلفه، آمرا زوجته بأن تسدل الغطاء على وجهها في أحد المتنزهات العربية لمجرد أن لمح من بعيد (سائحاً) سعودياً بلباسه العربي، وسحنته التي لا تخطئها العين!
والستر حلو؛ فهو دليل وقار وحشمة، لكن السؤال: لماذا تغطي المرأة وجهها أمام السعودي (الغلبان)، دون غيره من الرجال الأجانب؟
ألم يكن من اللائق أن تستره عن السعودي وغيره، أم أنه وحده الذي ينبغي أن نحذر من شره، ونتقي نظراته التي لا ترحم؟!
هذا حال بعضنا عند السفر إلى خارج الحدود؛ فما إن تطأ أقدامنا أرض المطارات الأجنبية، حتى نسارع في التخلُّص من ردئنا، وحشمتنا!
أنا بالتأكيد أعرف أن الإنسان حر في أن يلبس ما يشاء، ويتخلص مما يشاء؛ فالأمر يعود له ولتربيته وأخلاقه وذوقه، لكن هل نحن مجبرون على أن نمارس حالة من الازدواجية والتناقض في أسلوب حياتنا؟.
تُرى.. هل لدينا خلل ما في طريقة تعاملنا مع المرأة تجعلها (ترتاب) منا، ومن تصرفاتنا.. أم أن الأمر لا يعدو أن يكون حالة عادية تجعلها تظهر أمامه بحالة من الاتزان والمحافظة باعتباره (ابن بلد) يفهم الأصول؟!
أنا أؤمن تماماً بأن المرأة السعودية من أكثر النساء التزاماً بتقاليدها، وأكثرهن نقاء وطُهراً ومحافظة، وما نراه من البعض لا يخرج عن محاولة التغيير، والتجريب ليس إلا.
وبما أن للأسفار كما قيل (خمس فوائد) فإني أضيف فائدة سادسة للسفر؛ فهو يكشف لنا نماذج من الممارسات التي كنا نسمع عنها، وعن أبطالها.
ليس أقلها جلسات (البست) وتنقيط (الريالات) في الملاهي والكازينوهات. غفر الله ذنوبنا.
السفر متعة حقيقية، يتحرر فيه الإنسان من مسؤولياته الوظيفية والعائلية، ومن المفيد أن نقضيه فيما ينفعنا، ويفيدنا.. بعيداً عن نزواتنا، وعلينا أن نعي أننا نمثّل وطناً عظيماً مقدساً، ينظر إليه العالم بكل محبة واحترام، ومن المهم أن نكون سفراء صادقين وخيّرين لهذا الوطن الجميل!
alassery@hotmail.com