Al Jazirah NewsPaper Tuesday  10/11/2009 G Issue 13557
الثلاثاء 22 ذو القعدة 1430   العدد  13557
بوصلة التحكيم إلى أين..!؟
سلطان الدوس

 

قد يتفق معي الكثير أن معظم المشكلات المتأزمة والأحداث المتفرخة والمعضلات المتفاقمة والأزمات المستعصية في منظومتنا الرياضية تدور في فلك التحكيم وكثرة الأخطاء والفضائح التي شهدتها معظم المواجهات التي قادها حكامنا الأشاوس في المنافسات المحلية هذا العام.. علاوة على سقوط بعض (قضاة الملاعب) في مضمار الفشل والإخفاق وبالتالي أضحت هذه المعضلة الأزلية المتعسرة الحلول تؤرق القيادة الرياضية لدرجة أنه وطوال العقد الأخير شهد تغير ثلاث لجان تحكيمية وكل من جلس على كرسي المسؤولية والقيادة القانونية أصابه الإحباط والقنوط لأنه وجد أن الأجواء المعيارية ذات طقوس عالية الحرارة والمرارة كون أن البناء وصياغة واختيار رجال الصافرة في الأساس لم يكن موفقا ولم يتم وفق المعايير الفنية والقانونية التي تضمن جودة الأداء وإتقانه.. منهم من دلف البوابة بفكر ولياقة قانونية ومهنية متواضعة جداً لا تساعد ولا تأخذ بيد التفوق والفلاح إلى آفاق التطلعات المنشودة ومنهم من أخفق في أول المشوار في مضمار القانون الرياضي.. لأن فاقد الشيء لا يعطيه..!! وأتصور حتى الآن لم نستطع مع الأسف صناعة حكم سعودي محترف بمعنى الكلمة يجيد فن التعامل مع الأحداث في وسط الميدان بكل فن وثقة ومهارة، وربما أن حالات الإيقاف المتكررة التي طالت بعض الحكام لاحظوا (حكاما دوليين)!! خلال العقد الأخير تجسد أن هناك خللا كبيرا ومشكلة واضحة.. دفعت المسؤولين للهرولة في مضمار الاستعانة بحكام أجانب لقيادة بعض المباريات المهمة والمواجهات الحاسمة رغم أن تكلفة المواجهة الواحدة حوالي أكثر 150 ألف ريال.. فدعونا نتخيل كم عدد المباريات التي يسند لها حكام أجانب..!؟

وكم تكون التكلفة الإجمالية لجميع المباريات التي يقودها الحكام الأجانب في الموسم الواحد..!؟

* حين نقوم بتشخيص وتشريح ودراسة المعوقات والمثالب والعوامل التي ساهمت بشكل كبير في تراجع مستوى التحكيم في منافساتنا المحلية نجد أنها تتمثل في أسباب كثيرة منها أن مجال التحكيم مفتوح لكل من هب ودب بالانضمام إليه دون تطبيق الأنظمة والمعايير والشروط اللازمة لمن ينخرط في سلك التحكيم علاوة على المؤهلات والخبرة الرياضية؛ لأن الغالبية دلفوا المهنة بحثا عن الشهرة والإعلام والأدهى من ذلك أن هناك حكاما لم يسبق لهم وأن مارسوا الرياضة في الأندية إطلاقاً.. يفتقدون لأبسط التعامل مع القواعد القانونية والفنية وقد تضررت معظم الأندية منهم كثيراً.. وهنا يفترض عدم السماح بانضمام أي حكم إلى ميدان الصافرة إلا وشريطة أن يكون رياضيا سابقا يملك الرؤية الفنية والخبرة الميدانية التي تساعده في مضمار التفوق، والملاحظ أن هناك نوعاً من المجاملة والمحسوبية في اختيار الحكام الذين يمارسون الرياضة بصفة عامة ولم يزاولوها إطلاقاً.. الأمر الذي جعل معظمهم يرسب ويخفق (قانونياً) وبالتالي تقع الأندية ضحية لأشباه حكام!!.

* المعروف أن اللاعب السعودي المحترف يتوقف عن اللعب ويستغني عنه وهو في سن 30 عاماً ونيف ولا يتم الاستفادة منه.. وهنا ينبغي إعادة تأهيل هؤلاء اللاعبين الخام واختيارهم بدقة وعناية ونظرة ثاقبة وتشجيعهم في الانضمام إلى سلك التحكيم كمحترفين بالطبع وبرواتب معقولة بعد تدريبهم وتأهيلهم وإعادة صياغتهم وصناعتهم (قانونياً) وفق الآلية والمنهجية المعيارية الدولية المتبعة في عالم التحكيم، وبهذا نضمن أن حكام المستقبل يجمعون الممارسة المهنية والحس الفني والخبرة الميدانية التي تمكنهم من التعامل مع الأحداث والأشياء في ميدان المنافسة بكل نجاح، خصوصاً وأن مثل هذه النوعية من الحكام الرياضيين ليسوا بحاجة إلى الشهرة إنما لإثبات الوجود والمحافظة على مصدر الرزق الذي يكفله حتى سنة 45 ثمة أمر آخر وراء أزمة التحكيم ويتمثل في انعدام الحوافز المادية، فمكافأة الحكام الدوليين لدينا متواضعة جدا وغير محفزة إذا أخذنا بالاعتبار مكافأة الحكام في الإمارات وقطر على سبيل المثال أضعاف ما يتقاضاه الحكم السعودي!! هذا إذا صرفت المكافأة مباشرة ولم تتأخر..!! كما أن من الأسباب الجوهرية التي أبقت الحكم السعودي في دائرة الإخفاق والاتهام في كثير من القرارات القانونية.. عدم احترافه وتفرغه لمهنته كما هو الحال مع اللاعبين فقد اقتصر نظام الاحتراف على اللاعبين فقط ولا نعرف لماذا تأخرنا في تطبيق الاحتراف الشامل. وهنا إذا أردنا الارتقاء بمستوى ومنهج وأسلوب التحكيم بشكل عام يجب فتح المجال للحكم السعودي لاحترافه والتفرغ لصافرته ذهنيا ومعنوياً ونفسيا وبدنيا وبالتالي نضمن أن يعطي في وسط الميدان بشكل أكثر فعالية (انضباطاً وأداءً وفكراً وتعاملاً) وأخيراً وليس آخراً نتمنى دعم وتعزيز لجنة الحكام الرئيسية بالكوادر المتخصصة والخبرات الكبيرة سواء المحلية أو الأجنبية وفتح مجال الدورات التدريبية الخارجية بشكل أكبر وأوسع؛ لأن أساليب وطرق التحكيم ومنهجيته الفنية والقانونية تتطور يوما بعد يوم ونحن في حقبة العولمة الرياضية.

***

معظمنا يتذكر عندما أصدر الاتحاد السعودي لكرة القدم قبل ثلاثة أعوام تقريباً قراراً بخصم 6 نقاط من رصيد نادي الرياض في بنك الدوري وتسبب في حرمانه من الصعود إلى الدوري الممتاز بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى للعودة إلى مكانه الطبيعي وذلك تنفيذاً لقرار لجنة الانضباط بالاتحاد الدولي لكرة القدم المتضمن حسم 6 نقاط لعدم التزام الرياض - النادي - بدفع المستحقات المالية المتأخرة للاعب البرازيلي (فرانسيسكو سيزار).

وسؤالي هنا.. لماذا لا يطبق ويسري مثل هذا القرار القانوني والإجراء النظامي على كل الأندية المتأخرة في سداد المستحقات المالية المترتبة عليها، الأكيد لو طبق مثل هذا الأسلوب العقابي وهذا النهج الرادع سنضمن حماية حقوق هذه الأندية المغلوبة على أمرها وستلتزم جميع الأندية المتلاعبة والمماطلة.. بأدب وأخلاقيات وميثاق الاتفاقيات مع باقي الأندية المتضررة (قسرا)، والله المستعان.

أمين عام نادي الرياض ومسؤول احترافه – سابقاً



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد