Al Jazirah NewsPaper Tuesday  10/11/2009 G Issue 13557
الثلاثاء 22 ذو القعدة 1430   العدد  13557
نوافذ (1)
الإمبراطورية
أميمة الخميس

 

أول بند في الدستور الأمريكي الذي أعلن عام 1791 كان ينص على: (أن كل البشر خلقوا متساوين، وأن خالقهم وهبهم حقوقاً معينة غير قابلة للتصرّف، وأن من بينها الحق في الحياة، والحرية، ونشدان السعادة. ولضمان هذه الحقوق، تمّ إنشاء الحكومات بين الناس، لتستمد سلطاتها من موافقة المحكومين)

. حينها أصبحت الولايات المتحدة هي الأرض الجديدة المحملة بالوعود والفرص، لجميع فقراء ومضطهدي العالم، حيث وقف تمثال الحرية على مشارف نيويورك يضيء للقادمين الطريق، ومن هناك انفردت الولايات المتحدة بتجربتها الفريدة القائمة على استقطاب وتوطين شعوب الأرض للمشاركة في صناعة حضارتها تحت مظلة الدستور الأمريكي multi cultural potأي وعاء لثقافات العالم يسعى إلى تذويب الفروقات بين الأعراق والشعوب، لينغمر الجميع في صناعة الحلم الأمريكي، ذلك الحلم الذي جعل من الولايات المتحدة إمبراطورية تسيطر على أقطاب الأرض.

وعبر تاريخها كثيرا ما وضع ذلك الحلم على المحكات الصعبة، التي كانت تختبر دوما متانته وقوة صموده وتماسكه، في عالم ما بعد الحداثة القائم على الاحتفاء بالقوميات والثقافات المغيبة عن المركزية الثقافية الغربية.

ومجزرة القتل الجماعي التي حدثت في الجيش الأمريكي الأسبوع الماضي، على يد ضابط من أصول عربية، من شأنها أن تستوقف الرأي العام الأمريكي أمام عدد من القضايا المتعلقة بالأمريكيين من ذوي الأصول العربية والإسلامية. وعن مدى قدرة المهاجرين على صب أسيد النسيان على جذورهم، ومن ثم الانهماك في أجندة مغتربة عن ماضيهم وأصولهم العرقية، وقد يبدو الأمر مركبا هنا لدى الجاليات العربية التي تستبطن حالة غضب ونقمة وقهر عارم، ناتج عن الاحتلال الصهيوني في منطقتهم وتبعات أجيال من مآسي القضية الفلسطينية التي تعاني خنجرا قد غرس في خاصرة المكان، حيث سيبقى هذا الاحتلال مصدرا للكوارث والاضطرابات السياسية في المنطقة على وجه الدوام.

وبما أن الولايات المتحدة لا تريد أن تستمع إلى جميع الأصوات، لذا تحاول بعض الأصوات أن تصل ولو عن طريق مجزرة دموية كتلك التي حدثت في قاعدة فورت هود العسكرية بتكساس.

قيم العدالة والمساواة والحرية تتفتت عندما تدخل دهاليز السياسة، ولعل موقف الولايات المتحدة الأخير من تقرير (غولدستون) ونبرة وزيرة الخارجية الأمريكية فيما يتعلق بمباحثات السلام وبناء المستوطنات، تحيلنا إلى أن الإمبراطورية ما زالت عاجزة (على الرغم من الشعارات) عن أن تخلق منظارا يتجاوز طابعها الإمبريالي في المنطقة، هذا الطابع الاستعماري الذي في شكله الصهيوني، هو مصدر لكل شيطان يجول ويعربد ويدمر في المنطقة.

ولا أدري إن كانت الولايات المتحدة حقا تطمح إلى استقرار في المنطقة، لكن لن يكون هناك درب ممهد للاستقرار ما لم تنطلق خطوة البدء من فلسطين.

الحلم الأمريكي دوما يضع على المحك، ولكنه عندما يصل الشرق الأوسط دوما يختار الطريق الطويلة الخاطئة للوصول.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد