أتضحت حقيقة العلاقة الإرهابية الوثيقة والارتباط العقدي المؤدلج بين كل من المتسللين في شمال اليمن وتنظيم القاعدة الإرهابي في اليمن وزعامته في أفغانستان، ومن ثم تبعية التنظيمين لدولة إيران الفارسية التي تمولهم وتوجههم وتمارس سياسة التلاعب المباشر بهم ومعهم في سبيل تحقيق أهدافها ومصالحها الإقليمية.
إيران الفارسية تنتشر في المنطقة العربية وتتوسع في ربوعها، وتعيث فسادا في مقومات الأمن والاستقرار العربي ممتطية صهوة الأقليات العربية الساذجة التي تعتقد بانتمائها لإيران مذهبيا، فيما تستغلهم إيران قلبا وقالبا لخدمة أجندتها الإقليمية، فمعركتا ذي قار والقادسية لا يمكن أن تغيب عن عقول أو حتى وعي القيادات السياسية الفارسية في طهران. ونكبة البرامكة في العهد العباسي، كما هو حال نكبة أبو مسلم الخراساني من قبلها لا يمكن أن تغيب عن الثقافة السياسية الفارسية التي تمكنت بواسطة الخداع والحيل والمؤامرات من إثارة الفتنة بين أبناء الخليفة هارون الرشيد وأدت إلى مقتل الخليفة الأمين على أيدي رجال أخيه الخليفة المأمون، ليستأثر الفرس بصناعة القرارات والسياسات في الدولة العباسية العربية الإسلامية.
تلكم اختراقات فارسية حدثت في الماضي وتعود لتحدث هذه الاختراقات الإيرانية الفارسية في العصر الحديث في الجنوب اللبناني وفلسطين وبالطبع في العراق. وها هي دولة اليمن السعيد تواجه ذات الاختراق الفارسي الذي ابتلع الجزر الإماراتية الثلاث ويتوثب لابتلاع ما يمكن ابتلاعه من تخوم عربية من اليمن، فيما لا سمح الله لو تمكنت من تحقيق حلمها الفارسي على حساب المصالح العربية الشرعية والحقوق العربية المشروعة.
المشكلة إذن مشكلة قديمة حديثة ومتجددة بين العرب والفرس (العجم) والصراع متواصل لا يمكن أن يتوقف، وإن تجمد في عصر ما من العصور، وذلك طالما بقيت الاعتقادات والمفاهيم الفارسية باقية على ما هي عليه من قدم الثقافة والتاريخ وحقدهما الدفين الذي تمكن واستشرى في كافة مجاري العرقية الفارسية.
ودولة اليمن الشقيقة التي تواجه تحديات التنمية والتطوير بإمكانيات يمنية وطنية محدودة دخلت على ما يبدو في أتون الأجندة الفارسية، وباتت هدفا فارسيا مستساغا بعد أن تحالف الفرس مع تنظيم القاعدة، ومن ثم مع الحوثيين. فتنظيم القاعدة وعدهم كما يبدو بإثارة الفتنة والشغب وعدم الاستقرار في شبه الجزيرة العربية عامة واليمن خاصة، وجماعة الحوثيين وعدتهم بتبعية الدولة المرتقبة لإيران، ليصبح اليمن لقمة مستساغة للأطماع الإيرانية الفارسية.
تتضح هذه الحقائق بعد أن أدرك العالم كله حقيقة كذب وافتراء إدعاءات الحوثيين بأنهم كانوا مهمشين ويعانون من الظلم والاضطهاد. وبعد أن استوطنت خلايا تنظيم القاعدة شمال اليمن وانضموا مع الحوثيين، وأخيرا بعد ظهور حجم المساعدات والمعونات الإيرانية الفارسية للتنظيمين.
مستقبل اليمن حتى الآن لا يدعو للاطمئنان؛ فاليمن يدخل مرحلة حرب أهلية طاحنة هدفها تقسيمه وإنشاء دويلة يمنية حوثية تابعة لإيران الفارسية. لذا على العرب -كل العرب- أن يهبوا لنصرة إخوتهم في اليمن لمنع نجاح المخططات الفارسية ومنعها بكل الوسائل الممكنة، فهي مخططات بدأت بالجزر الإماراتية الثلاث، وها هي إيران تحاول ابتلاع جزء آخر من اليمن، ولن تقف قطعا عند ذلك الحد.
www.almantiq.org