نعتقد أنه مخطئ من يظن أن الحقد الفارسي الأسود على العرب والإسلام قد زال بزوال المجوسية عن بلاد فارس بدخولها في دين الإسلام، بل هو مستمر من قبل ومن بعد هزيمتهم في معركة القادسية في عهد خلافة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه،
|
فمنذ ذلك الزمن وإلى يومنا هذا وحقد وكره الفرس للعرب والإسلام لا يزال في قلوبهم، وهذا الحقد الأسود قد تخفيه السياسة تارة وتظهره القوة للعيان تارة أخرى. ففي عهد الشاه كان التهديد بالقوة هو الأبرز. أما بعد زوال الشاه عن حكم إيران في عام 1979م، وظهور الخميني على السطح عاد الفرس إلى عاداتهم القديمة التي استخدموها في عهد الخلافة العباسية في تخريب الإسلام من الداخل بنشر المذاهب الهدامة بين المسلمين وإثارة النعرات الشعوبية، وإيقاد الفتن القبلية بين العرب، فبعد وصول الخميني وأصحاب العمائم السود والبيض إلى السلطة في إيران بدأوا فيما أسموه بتصدير الثورة الإسلامية.
|
وقد وقف العراق أمام هذا المد الفارسي في حرب استمرت ثماني سنوات، ومع هذا فهم لم ينسوا موقف العراق هذا معهم فتآمروا مع الغرب في تدمير العراق واحتلاله وذلك في عام 2003م. وكان الناس في العراق وسوريا ولبنان والأردن ودول الخليج واليمن ومصر والسودان والمغرب لا يعرفون قبل 1979م النزاعات المذهبية ولم يعرف الإنسان على ضوء مذهبه بل على أساس وطنيته، ولكن بعد عام 1979م تغير الحال فنشبت حروب في لبنان واليمن والسودان بين أبناء البلد الواحد أساسها إما طائفي أو عرقي قومي، وقد أدركت بعض الدول العربية خطورة ما يحيكه الفرس الجدد لها من مؤامرات مذهبية وطائفية، والملاحظ هنا وخصوصاً في الآونة الأخيرة ظهور بعض الدعوات المثيرة للاستغراب في بعض الدول العربية، مثل أن هؤلاء القوم من سلالة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، أو من سلالة آل البيت، أو من سلالة بني هاشم.. أو.. أو... وهؤلاء يبدو أنهم لم يعلموا أنه قد مر على بدء الإسلام أكثر من ألف وأربعمائة سنة، وبعد هذه السنوات الطوال اختلط المسلمون بعضهم ببعض وتزاوجوا وتناسلوا ولم يعد يعرف هذا من هذا وإنما هي نعرات مقصودة لا تخفى أيدي الفرس فيها.
|
والذي يهمنا هنا بعد كل ما ذكر أعلاه هو ما يحاك من قبل الفرس ضد المملكة العربية السعودية، فالمملكة هي الحصن الحصين للإسلام والعرب، وفيها المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف الذي يحتوي في أحد أركانه قبر سيد الخلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما.. والمملكة هي الدولة المحافظة على الشريعة الإسلامية السمحة، وفيها المسجد الحرام والكعبة المشرفة، وأم القرى مكة المكرمة والتي يشد الحجاج إليها رحالهم، وتتجه وجوه المسلمين إليها في صلواتهم.. ولهذه الأسباب فهدف الفرس في وقتنا الراهن هو جزيرة العرب وخصوصاً المملكة العربية السعودية.
|
فلذلك فهم وجدوا ضالتهم بالمتسللين من اليمن فمدوهم بالسلاح فخلخوا استقرار دولة اليمن وامتد عدوانهم على حدود المملكة الجنوبية، وقاموا بمساعدة الفئة الضالة من أفراد القاعدة بالتسلل إلى داخل المملكة للتفجيرات وقتل الناس، وعلى هذا الأساس توجب على المملكة حماية حدودها كل حدود ولو بالقوة، فالقوة هي التي يعرفها الفرس وأعوانهم سواء في الداخل أو على الحدود، صحيح أن المملكة تتسم بسياسة متوازنة مع الدول، ولا تتدخل في شئون الدول الداخلية، ولكن بعض الدول وخصوصاً إيران لها أجندتها ولا يردعها عن غيها إلا الدولة التي تملك أسباب القوة، فالمهادنة والمسامحة وقول عفى الله عما سلف لا ينفع مع دول أغرتها القوة، إلا بامتلاك القوة، عصر اليوم هو عصر القوة. ورحم الله المتنبي حيث قال:
|
فما ينفع الأسد الحياء من الطوى |
ولا تتقى حتى تكون ضواريا |
لولا أن الأسد هكذا لأكله الثعلب.
|
|