كلمة apartheid يجدها أي متخصص وكل هاوٍ، منتشرة في كتب العلوم السياسية والقانونية، وتعني سياسة التمييز العنصري، فإذا ما مورست هذه السياسة في دولة ما، وميزت في الحقوق والواجبات بين مواطنيها على أساس الدين أو اللون أو اللغة، سُميت بالدولة العنصرية Apartheid State.
حدث في القرن الماضي، أن أقام العنصر الأبيض من أصول أوروبية دولة عنصرية في جنوب إفريقيا، حرم فيها الغالبية من مواطنيها ذوي البشرة السمراء من المشاركة في الحكم، فضلاً عن التمييز في الحقوق والواجبات.
رفض العالم الحرّ استناداً على المواثيق والقوانين الدولية، هذه الدولة وانتقل بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من مرحلة عدم الاعتراف بها سياسياً، إلى مرحلة مقاطعتها اقتصادياً، وصدرت لذلك القرارات الأممية والتزمت بها معظم الدول، بل إن عدداً من تلك الدول أيّد وساند ودعم المواطنين السود في مقاومة تلك الدولة العنصرية حتى سقطت، وخرج زعماؤهم من السجون بقيادة نيلسون مانديلا ليقيموا الدولة الديمقراطية دون تمييز بين المواطنين، وعادت دولة جنوب إفريقيا إلى ممارسة دورها الأممي في منظمة الأمم المتحدة.
اليوم، هناك دولة اسمها (إسرائيل) قامت على أرض فلسطين يعيش فيها اليهود وما تبقى من المسلمين والمسيحيين ممن بقوا في مدنهم وقراهم بعد التطهير العرقي الذي أدى إلى التهجير القسري للكثير منهم إلى مخيمات الشتات.
هذه الدولة برئاسة نتانياهو ودعم الأحزاب الأخرى في إسرائيل من يمين ويسار ووسط تطالب الفلسطينيين بالاعتراف بها كدولة يهودية عنصرية كشرط مسبق فقط لاستئناف مفاوضات ما سُمي بالسلام، وليس للتوقيع على قيام دولة فلسطينية على حدود 67.
المفارقة هنا، أن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي حاربت بشراسة طول تاريخها التطهير العرقي والتمييز العنصري، وحاصرت جنوب إفريقيا اقتصادياً، وأرسلت جيوشها إلى البوسنة والهرسك، وحاربت دعاة التطهير العرقي من الصرب، وأقرَّت قبل ذلك حقوق الإنسان في معاهدات دولية، بما في ذلك حمايته من التمييز العنصري أو التطهير العرقي.
هذه الدول ذات التاريخ الناصع في حماية حقوق الإنسان، تضغط الآن على السلطة الفلسطينية في رام الله بقبول دولة إسرائيل دولة دينية عنصرية يهودية، مما يعني في المحصلة، حق إسرائيل في السيطرة على القدس الشرقية باعتبارها تحتوي على ما زعموا بأنها رموز وآثار الديانة اليهودية، وإضفاء الشرعية الدولية على التطهير العرقي الذي مارسته إسرائيل سابقاً ضد العرب الفلسطينيين، وشرعنة طرد ما تبقى منهم إلى خارج حدود الدولة اليهودية، واجتثاث حق العودة، أحد مرتكزات المبادرة العربية لإحلال السلام في المنطقة.