الأمير الشاعر عبدالرحمن بن مساعد، هرم شعري عريق وشامخ، وقامة أدبية سامقة ورفيعة، يعرفه عشاق الكلمة الجميلة، والقافية المسافرة من المحيط إلى الخليج، طوع الكلمات وجعلها تحلق بأجنحة الإبداع، وتلامس الشغاف في كل مكان، سقى القلوب التي عطشت في دروب العشق فارتوت من رحيق كلماته، وسكب عليها عذب ما نظم من أبيات طبعت كالبصمات في وجدان الأجيال، فكان فريداً في نظمه، رفيعاً في أدائه، متميزاً في طرحه، قوياً في حضوره، نادراً في فهمه للشعر وأغراضه ومدلولاته ورسالته، فظل شاعراً نظيفاً يضيف إلى الشعر كل جميل، ويعطي المتلقي خيار ما ينظم القلم، وتكتب الأنامل، وتلقى الألسن، وتقرأ الأبصار، وتعقل الألباب، فيأسر القلوب، ويجذب الأفئدة، وينتزع حب وإعجاب عشاق الكلام الجميل.
في ليلة القرن، و في قاعة المملكة في فندق الفور سيزن يعود فارس الإبداع مجدداً إلى ساحات الشعر وميادين الكلم، يعود وحقائبه زاخرة بعذب الموارد، ليمتع جمهوره الذي بات ينتظر على أحر من الجمر منذ فترة طويلة، منذ أن توقف سموه عن المشاركات في الأمسيات الشعرية، لكنه يعود هذه المرة، وهو أكثر توقاً إلى جمهوره الذي يتحرق شوقاً للقائه، ولا شك أن الحضور سيكون - كالعادة- أكبر من سعة القاعات المعدة للأمسية، وهو حضور متميز بكل المقاييس.
كيف لا وسيضيء الأمسية أحد أبرز شعراء الوطن العربي المتميزين الذي طوع الكلمات وأبهج الجمهور بالأحرف الندية، والأمسية بلا شك ستكون فريدة حيث أطلق عليها البعض أمسية القرن بمناسبة فارسها رئيس نادي القرن تأتي ضمن سلسلة الأمسيات الشعرية التي تنظمها روتانا والتي بدأتها العام الماضي.
الكل في ترقب، الإعلام ينتظر الحدث الشعري الأكبر، والجمهور ينتظر بشوق دافق، والاستعدادات تجري على قدم وساق، حيث قامت روتانا باستعدادات مبكرة تليق بمقام سموه الكريم، وتجهيزات كبيرة تضمنت شعار الأمسية الذي يحمل إبداع الشاعر، ويتكون من أربعة عناصر طالما لازمت الأمير الشاعر وهي (الماء والهواء والأرض والنار) وتلتقي هذه العناصر في أشعار سموه وتكون الحياة.
نعم جمهور فارس الإبداع على موعد مع ليلة متميزة كتميز شاعرها، وكتميز جمهوره الفريد الوفي المتذوق للشعر الأصيل، على موعد مع الكلمات العذبة التي تتعدى حدود الشعر بمفهومه التقليدي، تلك المفردات العميقة التي تلامس الوجدان، وتخرج من الدواخل، وتعالج الظواهر السلبية في المجتمع، نابعة من قلب شاعر الحب والإنسانية والمبادئ، حيث السمو بالشعر فوق هام السحاب، والارتفاع به فوق مجرد حدود العاطفة، والارتقاء بمعانيه فوق سماء العشق، الشاعر عبدالرحمن بن مساعد لديه لونية خاصة من الأدب الذي يحتمل نقد الذات، والتصويب تجاه السلبيات الاجتماعية بأسلوب رصين جاذب ممتع وسهل للمعالجة ووضع المتلقي أمام الحالة دون تكلف، ومن غير وصاية عليه، فقط لفت انتباهه دون استخدام قوة الشعر لاستمالته نحو موقف محدد أو التأثير على قناعته واختياره وحريته الشخصية، بل مجرد تنبيهه وترك الأمر له، وجعله في حالة الوعي والإدراك بالموقف الذي يعنيه الشاعر، حينها يكون الشاعر والمتلقي ينظران من ذات الزاوية وبنفس المنظار، كما أن شعره يمزج ما بين المشاعر الإنسانية الرقيقة، وروح الانتماء للوطن وللمجتمع والأمة بأسرها، فضلاً عن دور مدرسته الشعرية في تنمية المشاعر الإيجابية.
شاعر بهذه القامة، وبهذا السموق، لا بد أن يكون جمهوره بذات التميز، وبهذا الحجم من الحب والإعجاب، وهم كذلك بالفعل، وقد رأيناهم في أمسيات عديدة لسموه يحضروا قبل موعد بداية الأمسية بساعات ليحجز كل واحد مقعده في القاعة التي عادة تمتلئ ويتم فتح قاعات أخرى للمشاهدة عبر الشبكة التلفزيونية، ويظل الجمهور ينتظر في المقاعد حتى آخر دقيقة من الأمسية، ومهما كثرت القصائد وتنوعت وتعددت، ووصلت العشرات فإن هذا الجمهور لا يكل ولا يمل، بل يطالب بالمزيد مهما انطوى الليل وتثاءبت نجيماته العصية، فهم يريدون سماع كلمات عبدالرحمن بن مساعد، الشاعر الإنسان الرقيق ذي المشاعر الصادقة، لأن الشاعر وجمهوره يشكلان ثنائية متلازمة، يؤطرها الحب والوفاء المتبادل. إذن نحن على موعد مع أمسية ليست ككل الأمسيات، هي أمسية البوح والشوق والتلاقي، وأمسية القرن فارسها شاعر المبادئ السامية، ونجمها جمهوره المحب الصادق الوفي.
Tb787@hotmail.com